محاولة استقطاب نريد منعها
جرت بالامس احداث مؤسفة ، ينبع اسفها ليس من الاحداث نفسها (وهو امر مؤسف بالطبع ) ، لكن الاسف الاكثر كان فيما حدث بعدها من رد فعل من الجميع .
لا يستطيع احدا ان يبرر سوء الفهم و التصرف من الطرفين بالامس ، لكنى اعتقد ان المشهد كان اقل كثيرا مما يبدو ، خصوصا مع تهويله الشديد بواسطة لجان اعلام الطرفين و بعض وسائل الاعلام الاخرى .
المشهد بدأ بشخص او اكثر من قيادى جماعة الاخوان المسلمين كان عبقريا بالقدر الكافى ليقول ان المسيرة بهدف تخريب ، قام بانزال شباب الاخوان لعمل دروع بشرية لمنع وصول المسيرة الى امام مجلس الشعب رغم ان تلك وظيفة الداخلية و ليست وظيفتك ، طبعا امتظاهرين عندما رأوا ذلك ظنوا انهم يمنعونهم عن مجلس الشعب ، حدث سوء توضيح للجانب الاخر ، كان من الممكن ان يأخذوا اصحاب الطلبات الى الداخل كما حدث مع ممثلى حركة مصرنا قبلهم و هو ما لم يحدث .
حدثت هتافات مضادة للاخوان بسبب ظن انهم يمنعونهم عن المجلس ، ثم تزايد الهتاف الى هتاف اكثر اسفا و هو ضد البرلمان ظنا ان غالبية البرلمان و معها باقى البرلمان يوافقون على ذلك و لا يريدون مقابلتهم !!
تطور الموقف الى مشادات و مشاحنات جسدية ، هو امر مرفوض تماما بين فصائل مدنية ، يدعو للشحناء و البغضاء و هو مرفوض بين بنى الوطن الواحد !!
الاستاذ عاصم عبد الماجد ممثل الجماعة الاسلامية خرج على احدى الشاشات باتصال تليفونى يقول ان كل هؤلاء المتظاهرين ( اعود و اوضح انه قال كلهم ) هم خونة و يهدفون لاسقاط مجلس الشعب ، ثم اخذ يسميهم بالاسم ، يقول انها حرب على التيار الاسلامى ، متناسيا ان احد مبادرات تلك المظاهرات تسليم السلطة الى مجلس الشعب الذى هو اغلبيته تيار اسلامى !!
بل ان وسائل الاعلام الاخوانية و صفحات الحزب على الانترنت بدأت تنشر صورا مفبركة و اخبارا مكذوبة للاسف عن عدد مصابين من الاخوان يفوق الرقم المعلن من وزارة الصحة نفسها عن عدد الحالات كلها ، بدأت حملة شرسة على من هو من دون الاخوان من المتظاهرين و وصفتهم بأنهم فلول ثوار ، قامت بتغيير تصريحات بعض الشخصيات العامة لتخدم هذا الغرض !!
لماذا الدفع بهذا التصرف العبقرى و هو نزول شباب الاخوان للوقوف فى وجه مظاهرة خصوصا بعد مشادات التحرير التى نريد نسيانها ، لو كانت الشرطة كان سيفهم منها انه العادى بل و المنتظر من الشرطة تأمين المنشئات كما يدعى ، اما سحب الشرطة من المشهد و بقاء عنصر مدنى يقوم بدوره و تكتفى الشرطة بالمشاهدة من بعيد امر لا يصح ، يوسع دائرة سوء الفهم ان شباب الاخوان كانوا لمنع المتظاهرين من الوصول الى مجلس الشعب و تقديم طلباتهم كما كان معلنا قبلها بيومين ، كما قلت كان يفترض دراسة الامر قبل التصرف بهذا الموقف ، لأن فى النهاية الشرطة هى من تأمن المنشئات و لا ينوب عنها احدا طالما متواجدة و متاحة ، لأن ذلك اولا سيزيد الشحن ضد الثوار و بعضهم بل و الاخطر اننا سندخل فى دائرة المليشيات و الجماعات و هو خطر اكبر .
انا متأكد ان فى جماعة الاخوان من يؤمن بسيناريو الانقلاب العسكرى جدا و يخشاه ، بالتالى كنت انتظر منهم ان يكونوا اصحاب رؤية اوقع بأن مبررات حدوث ذلك ستكون اشتباكات بين فرق مدنية فى صورة ميليشيات مما يدفع المجلس لتصوير ذلك الانقلاب بأنه للحفاظ على امن البلاد من خطر المليشيات و التصادمات .
بالطبع هناك خروج عن النص من بعض المتظاهرين فى الجانب الاخر بالفاظ خارجة ، لكنك و بكل تأكيد لا تستطيع ان تحكم طريقة تعبير كل من هو موجود فى مظاهرة ، خصوصا ان كانت من مختلف التوجهات و الثقافات و البيئات و طرق التفكير و التعبير . اما الفكرة التى يروج لها البعض و لاحظتها مذ ايام بأن من يسب ليس من الثوار فهو تصور اخرق ، ذلك انه لم يحضر تظاهرات اسقاط مبارك فى الايام الاولى للثورة و حتى سقوطه ، رأى اللافتات التى كانت يكتب عليها ، الهتافات التى كان يقال فيها : يسقط ابن ال.... ، لو لا تصدق يمكنك الرجوع للصور !!
صدقنى هو هو من يقول ان شباب ال18 يوما كانوا طاهر و برىء و لكن الموجودون حاليا هم ليسوا من الثوار ، ذلك لأنه بنباهة حضرته استنتج ان الثوار لا يسبون ، كأن كل من نزل المظاهرات ضد مبارك كان يعلم انه لديه ارصدة بالمليارات و يهدف لتوريث البلاد الى المحروس جمال ، ان سوزان مبارك تتحكم فى كل البلاد و لها "دلاديل" فى كل موقع فى البلاد ، ان بعض الوزراء هم جواسيس لامريكا .. و لم يكون بعضهم يجيب على سبب نزوله بأن هذا الرجل هو رجل كذا جعل البلد كذا !!
انا الوم الاخوان لأنهم هم (او لو كان غيرهم ) من بيدهم السلطة الان ، بالتالى هم اصحاب القرار ، ثم انهم بدون دراية يساعدون على نجاح محاولة الاستقطاب . اى كان من بالسلطة عليه ان يكون اكثر حذرا و هدوء ، كما ان الاخوان فصيل دائما معروف عنه التنظيم الشديد ، بينما المظاهرات يخرج فيها فصائل مختلفة متوحدة الهدف لكن مختلفة فيما بينها فى طرق التعبير .
ثم تجد سؤالا يدعوك للذهول اكثر بدأ يدور و هو : ما سر حشد بعشرات الآلاف لتقديم بضعة طلبات ؟؟
المظاهرات الحاشدة التى تنتهى برفع طلب موجود فى كل مكان بالعالم و كل صفحة تاريخ ، من اول المظاهرات اللى كان بيقودها سعد زغلول و حتى المظاهرات التى يقوم بها العمال والعاملين و اصحاب المطالب المختلفة و تنتهى بمقابلة مع ممثليهم للنظر فى طلباتهم .. اننا لا نخترع شكل جديد للمظاهرات ، مظاهرات تطهير القضاء ، كانت تخرج من ميدان التحرير الى مجلس القضاء العالى و تسلم طلباتها بخصوص تطهير القضاء ( مطلب غير فئوى لو كان الاعتراض على كده ) ، مظاهرات اقالة النائب العام ، كانت تتجه الى مقره و تسلم طلباتها ، مظاهرات وقف المحاكمات العسكرية كانت تخرج الى مقر النيابة العسكرية و تسلم طلباتها ، مظاهرات تطهير الاعلام تخرج الى ماسبيرو و تسلم طلباتها و تعرض على جدار المبنى مطالبها ، المظاهرات فى امريكا لمساندة الثورة ، تخرج الى السفارة و تسلم طلباتها ... المشهد يتكرر يوميا و كنت اظنه لا يحتاج نفسير .
اسلوب الشتائم غير محبب ، اعتقد انه كان رد فعل لسوء الفهم الذى حدث و اتمنى نهايته ، لكن لا يمكنك ان تطلب من الشعب المصرى المعروف عن قطاع كبير منه طرقه المختلفة فى طريقة التعبير و منها استخدام تلك الالفاظ التى تحمل معها ايضا احيانا روح دعابة ، ان يتوقف فجأة بين يوما و ليلة عن تلك الطريقة و يصبح كله صاحب طريقة تعبير واحدة ، بالتالى عليك التفهم و احتواء تلك الطرق و منع تطورها و تجاوزها الحد .
اعتقد انه يجب التعلم من اخطاء الامس من الطرفين ، طى الصفحة نهائيا ، وقف حالة الاستقطاب الدائرة الان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق