السبت، 20 أغسطس 2011

جر رجل


جر رجل


من المعروف بل و المؤكد ان الثورة المصرية العظيمة التى اطاحت بكنز اسرائيل الاستراتيجى و اعوانه ، خيبت توقعات المخابرات الامريكية و دولتها ، هى ثورة تخدم الشعب المصرى و الامة العربية ، تضايق او تشكل نوع من القلق لدى اسرائيل فى المقام الاول ، الولايات المتحدة فى المقام الثانى ، الدول الغربية فى المقام الثالث .


حيث ان ذلك هو تحليل هذه الدول للثورة ، بالتالى فمن الطبيعى ان يعمل كل هؤلاء ضد الثورة ، لمحاولة منع اكتمالها او عرقلتها او على الاقل تأخيرها ، بالرجوع الى تاريخنا الماضى فى مثل تلك المواقف نجد ان نهضة محمد على عرقلتها الدول الغربية و بخاصة الامبراطورية البريطانية ، عبر استنذافه فى حروب كانت حتى ضد الدولة العثمانية نفسها ، و استمتعت وقتها بمشاهدة النهضة المصرية تتأخر ، اما بعد 52 فكان السيناريو هو الدخول مباشرة ، استنزاف موارد الدولة فى الحرب لمنع اى تنمية و تقدم ، فكان من الطبيعى استفزاز الجانب المصرى ليخوض حربا شرسة تدعم فيها الدول الغربية طرفا واحدا ، بالتأكيد لم يكن مصر .


حرب 67 نفسها التى اطلق عليها " النكسة " كانت نتيجة استفزاز اسرائيلى بايعاذ غربى ، عبر استفزاز الشعب و الحكومة و الرئاسة المصرية للاقدام على تحرك عسكرى ينبىء للحرب ، مما يدفع اسرائيل لتبرير توغلها العسكرى بانه استباقة دفاعية ، ضربة وقائية .






للاسف قبلنا التحدى بنصف قواتنا ، استجبنا لمحاولات الاستفزاز ، انطلقنا نتحدى و نهدد ، لغينا المحاولات الدبلوماسية لاحتواء الموقف ، للعذر فان الشارع المصرى وقتها لم يعلم حجم التسليح الاسرائيلى و حجم الدعم الغربى الذى نعلمه الان ، كان يتم النظر الى اسرائيل على انها بلدة يسهل اجتياحها ، قد كنا حققنا شىء من التقدم وقتها على الناحية الاقتصادية يسهل ذلك الاعتقاد ، رغم ما لاقيناه فى الايام الاولى ، الا ان الاعلام الرسمى لم يريد ان يفاجىء الشارع المصرى بحقيقة ما اكتشفناه .




حتى حلت الهزيمة و اكتملت النكسة ، وقف العالم الغربى يشاهد ما يحدث و يرقب ، انحاز لاسرائيل كدليل على اشتراكه فى المؤامرة منذ فجرها ، حل الانكسار على نفس كل جندى مصرى خذله قادته ، بل و ايضا على نفس كل مصرى من الشعب وجد فى قيادته قلة معرفة و تخطيط لا يختلف عن ابسط فرد فيهم .




دعم الشعب المصرى جيشه رغم الهزيمة الفادحة لكل مصرى و اصر على انهم ابطال قادرين على النصر ( و هى احد الاسباب التى يقدر لها الجيش المصرى موقف شعبه حتى اللحظة و سبب رئيسى الى جانب السبب الاخلاقى لمنع اطلاق الرصاص على اى مصرى ) .


بعد ان لاقينا ما لاقيناه فى تلك الحرب وصولا الى انتصار 73 بشق الانفس و بنصر مدوى هز العالم ، فيه تحدى مصرى ليس لاسرائيل فقط بل لدول غربية كثيرة ، كان يفترض ان نتفرغ لتنمية البلاد و تحقيق النهضة المرجوة ، لكن العالم الغربى لم يقف بل و ساهم فى نشر شبكة فساد تمتد من الرئيس لاعوانه لكبار رجال الاعمال الملقى على كاهلهم دفع البلاد للتقدم ، بسقوط تلك الشبكة مع الثورة المجيدة – ان شاء الله - ، لم يعد لدى الغرب الى اللجوء للاسلوب القديم القذر ، و هو " جر الرجل " الى معركة استنزافية جديدة ، تعوق البلاد من النظر للتقدم و التطلع للمستقبل .


ان المحاولات الاسرائيلية التى تقوم بها الان هى نفس الوسيلة و الطريقة التى اقدمت عليها قبيل حرب 67 ، نفس طريقة الاستفزاز لم تتغير ، محاولة لدفع المصريين نحو المطالبة بتصرف عسكرى تجاه اسرائيل ، للاسف بعضنا بدأ يستجيب على شبكات الانترنت لذلك ، يدعو للحرب و يطلق شعارات تفيد الحرب ، على عكس الاساليب الدبلوماسية المتبعة فى معظم دول العالم و فى مختلف المواقف المشابهة .


بعد ضرب اسرائيل لاسطول الحرية و حالة الاستفزاز الواضحة لتركيا ، لم يصرح اردوغان اى تصريح يفيد الحرب ، لم يطالبه الشعب التركى بذلك ، كل ما طالبه به الشعب التركى هو ان يعوض الضحايا عما كان عبر اعتذار رسمى و تعويضات عادلة نتيجة للجرم الاسرائيلى ، استدعى اردوغان السفير الاسرائيلى و وبخه بشدة ، طالب باعتذار رسمى من اسرائيل و الا قطع العلاقات بشكل رسمى مع اسرائيل ، هوما هو قائم حتى الان .


اعيد فاقول من خلال المثال ، ان الدبلوماسية التى نتناسها احيانا هى نهج الدول المتقدمة الديمقراطية ، التى تنظر لمستقبلها ، لا تضيع حقها فى نفس الوقت ، لدينا الف حل و حل فى موقفنا هذا الذى من وجهة نظرى افضل من تركيا ، لدينا امكانية قطع الغاز عن اسرائيل ، لدينا معاهدة جائرة بخصوص تحديد انتشار جنودنا من القوات المسلحة على الحدود فى حين تواجد مجموعة من حلف الناتو اغلبها من القادة التابعيين للولايات المتحدة الامريكية فى قواعد بسيناء ، لدينا اتفاقيات للزراعة و التصدير و التعاون الاقتصادى المشترك ، لدينا اتفاقية الكويز المجحفة ، يمكننا استدعاء السفير و توبيخه او طرده ، يمكننا التظاهر السلمى امام السفارة لاظهار الغضب مما يحدث و التأكيد على ان الشعب المصرى لم يعد كما كان .. كل هذه هى طرق للمساومة او تقديم اعتذار و تعويضات اما مالية او معنوية او فى صورة الاتفاقات السابقة .


و دعونا لا ننسى ان مقتل الجنود المصريين على حدودنا المصرية الذى كان يتم بسهولة فى الماضى فى عصر المخلوع ، لن و لا يجب ان يكون سهلا كما كان ، الان الشعب المصرى استفاق ، الثورة غيرت الطريق ، الشعب المصرى صار محترما و يجبر الغير على الاحترام ، يتعامل بشكل مختلف و يحب ان يتم التعامل معه بشكل مختلف عما سبق فى عصر الخاضع الخانع المخلوع .


و فى جميع الاحوال ، اذا كانت الرأى و المشورة فهذه هى ، ان كانت الحرب فانا اول المنضمين باذن الله ، لكن كفانا اطلاق شعارات و تصريحات كفانا الله شرها ، تخدم فى المقام الاول عدونا .








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق