الخميس، 1 سبتمبر 2011

الجماعة السلفية و السياسة

الجماعة السلفية و السياسة





بعد ثورة يناير ، انخرطت الجماعة السلفية كما يطلقون على انفسهم فى السياسة بشكل واضح و عميق بعد ان كنا لا نسمع لهم حسا غالبا قبل الثورة فيما يتعلق بالسياسة ، حتى الخطب الدينية كانت مقتصرة على العبادات فقط دون التوعية السياسية او حتى الاجتماعية ، و هو ما تغير بعد الثورة ، يحسب لهم انهم خرجوا من عزلتهم ليشاركوا المصرييين بناء دولتهم و وضع تصورات عن مستقبل الوطن .


يجب ان انوه قبل ان اوضح وجهة نظرى ان الجماعة السلفية تختلف عن السلف و تختلف عن السلفيين ، السلف هم السابقون من النبى (ص) و معه صحابة النبى رضى الله عنهم ، عند البعض و اول ثلاثة اجيال من التابعين ، اما السلفيين فهم من يسيرون على نهج هؤلاء جميعا ، يعتبرونهم قدوة و منهجا ، هو ما يعم سائر المسلمين و يميز تحديدا الفكر السلفى ، اما الجماعة السلفية فهى تلك المجموعة منهم التى تزاول السياسة حاليا ، لها افكارها فى الدين بالاقتصار على اخذ العلم من السلف و مجموعة علماء بعينهم ، هو اعتقاد لهم مطلق الحرية فى اعتناقه .


و لكن دخول الجماعة السلفية للسياسة شابه بعض الافكار و الافعال التى تحتاج لوقفة منهم مع النفس ، بحسب رأى مجموعة من الناس ، الجماعة السلفية حديثة العهد بالسياسة تعتبر السياسة غزوة للدين لابد من الانتصار فيها و تحصيل الغنائم اما للدين و اما للمجاهد فيه ، و هو ما يميزهم حقيقة عن باقى التيارات ، جعل البعض ان لم يكن المعظم متخوفا من التيار السلفى عامة .


و السياسة تختلف عن الحرب تماما ، الحرب لا تعترف الا بمنتصر و مهزوم ، فاذا دخلت حربا فالكفاءة الوحيدة فيها هو القدرات العسكرية و استخدام السلاح لتحقيق نصر ، اما اذا دخلت معركة سياسية فالكفاءة هى ان تحصل على اكبر المكاسب عن طريق التفاوض ، اذا فالامر مختلف ، حيث ان مكسب الحرب يبدأ من 100% نزولا ، اما السياسة فتبدأ من 50 % صعودا .


بمعنى ، ان القائد الناجح حربيا هو الذى يحقق نصرا ساحقا باقل قدر من الخسائر ، هو غير مستعد ان يفرط فى شىء اثناء الحرب لضمان انتصارا ساحقا ، بينما السياسى الجيد هو الذى يجيد التفاوض ليحصل على مكاسب 60% و يترك لمنافسه 40% ، لو كان سياسى بارعا ، لاستطاع ان يحتفظ ب 70% من المكاسب و يدع منافسه يفرح ب 30% .



اذا الحرب لا تعرف التنازل ، النصر هو الهدف الرئيسى ، بينما السياسة عالم و علم يقوم اساسا على التفاوض الذى تعرف فيه مسبقا ان كل ما ستأخذه من مكاسب مرهون اصلا على ما ستتركه لغيرك من مكاسب له ايضا ، بالتالى تتطور مراحل التفاوض عبر الاتفاق على مبادىء اساسية لا تفريط فيها عند كلا الطرفين ، وصولا الى مبادىء يفوز فيها طرف على الاخر ، مضحيا باخرى لحساب الاخر .


هذا هو الفارق بين من يدخل السياسة على اساس انها تفاوض و ضمان لمبادىء اساسية فى مقابل التفاهم على مبادىء اخرى ثانوية ، من يدخل السياسة على اعتبار انها غزوة يجب تحقيق فيها النصر الحازم .


كم كنا نتمنى من الجماعة السلفية التى تشرفنا و نحب تواجدهم بيننا ، ان يدخلوا العمل السياسى على طريقة " ابى عبيدة بن الجراح " امين الامة ، المفاوض السياسى البارع فى عمل المواثيق و التفاوض بعد الحرب ، لا على طريقة " خالد بن الوليد " المحارب و القائد العسكرى الاروع الذى يحطم جيوش اعداءه ، يحقق الانتصارات الساحقة ، لكن اراد عمر بن الخطاب ان يترك شئون التفاوض لابى عبيدة لانه الاقدر عليها ، بينما شخصية خالد تعوق دون ان يتفاوض و يتنازل تحقيقا لمصلحة اكبر .



هل لنا ان نتعلم من النبى (ص) المفاوض الابرز ، عندما تفاوض مع اعداءه و خصمائه و معتنقين الاسلام فى الحديبية و فتح مكة و لقاءات القبائل المختلفة ، عدم الاستهانة بدم المسلم ، توبيخ عبد الله بن رواحة لانه فضل العبادة على تجهيز الجيش الذى سيثأر لدم اخيه فى غزوة مؤتة ، بدلا من التعامل مع السياسة على اعتبار انها غزوة ، الاستخباء وقت حدوث الفاجعة بحجة العبادة ؟؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق