رجل هدم النظام
هل تذكر الفيلم
" ؟ demolition man "
الفيلم تدور احداثه حول ضابط يحاول ايقاف مسلح ارهابى مجنون ، لكنه يعجز امام جنونه و افراطه فى العنف ، ليتسبب فى مقتل ابرياء ، يتم تجميد الشخصين مدى الحياة ، تمر سنوات و سنوات و ينشآ نظام جديد ، نظام كل ما به هو صواب و ما يخرج عنه هو جريمة ، مجرد كسر الاشارة ، هو خرق للنظام ، التفوه بكلمة غير لائقة ، هو كسر للنظام ، كل الادوات مهيئة لتضمن التزام الجميع بهذا النظام القويم الذى يقى العالم من الجريمة ، يفخر مبتكرى النظام بانه الاكمل و الغير معيوب ، يتم تنصيب صاحب النظام حاكما ينظم النظام .
كل هذا حتى يطمح احد مساعدى الحاكم فى السلطة و الحكم ، لكنه لا يستطيع اعلان ذلك امام النظام الالكترونى ، فيستعين باللص المجرم الارهابى السابق ، الذى يقوم بدوره الممثل " ويسلى سنيبس " ، يخرجه و ينمى مهارات الشراسة و القتل و الارهاب لديه ، ظنا انه سيكون كالخاتم فى اصبعه بفضل النظام، جعل الامر يبدو هروبا غير معروف سببه ، يستعين به لقتل مخطط النظام و الحاكم ، يتخلص من مجموعة خارجين على النظام قد تهدد حكمه يعيشون تحت الارض ، فيستعين النظام بالشرطى السابق حيث انه الاكثر دراية به و بأساليبه ، لان الشرطة فى النظام لم تعتد العنف لان النظام يمنع العنف .
و يتعرف البطل الشرطى الذى يؤدى دوره الممثل " سلفستر ستالون " على العالم الجديد و لا يستثيغه ، بحسه الانسانى من العالم السابق ، لا يثق فى النظام ، يحاول الوصول للمجرم بطريقته ، فيتعرف على قائد العالم الذى تحت الارض و يدور حوارا بينهما ، انه ليس خارجا على القانون ، بل هو شخص يقرر الا يخضع للنظام ، يريد ان يعتمد على عقله فى التفكير و لا يملى عليه احدا كيف يعيش ، يريد ان يقرأ الكتب المطبوعة ، لا يتم املاء ما فيها عليه عبر الوصلات الالكترونية ، يريد ان يأكل الطعام الغير صحى ، لا يتناول الكبسولات الغذائية المصممة على الانظمة الغذائية الصحية .
ينتهى الفيلم بان المجرم يخرج على النظام و الجنرال الذى اخرجه و الحاكم و كل العالم الذى يعيشه ، فيقتل الحاكم و المساعد و يخرق النظام ، يعثو فسادا ، فيوقفه الشرطى ليجد الناس انفسهم بدون النظام الذين تربوا و تعلموا احترامه ، انه لم يكن نظاما صحيحا صارما لا يخترق كما اشيع ، انه يمكن ان يخترق بواسطة اى فرد ، وقتها يجدون العالم كله قد ضاع ، يعودون الى قائد العالم السفلى ليعيد بناء العالم على الطريقة القديمة مرة اخرى ، حيث كل فرد حر فى اختيار ما يريد ، لا يعنى ذلك ان الاخرين مخطئون .
لماذا نروى قصة الفيلم ؟؟
لان الفيلم عزيزى القارىء يخوض فى مسألة هامة ندور حولها الان ، مبدأ الدراية ، فرض مبدأ السمع و الطاعة .
نجد قرارات تخرج من المسؤلين عن البلاد ، حيث يحاولون انشاء نظام صارم ، معتقدين انه الصحيح و الانسب و الاصلح و الافضل ، انه يخلو من اى عيوب ، كما حدث فى الفيلم ، غير مدركين ان الكمال لله وحده ، لكل شىء عيوب قد لا تراها ، لكن قد يراها الاخرون ، يتخذها البعض ثغرات للتحايل على النظام الذى يفترض انه يبحث عن المصلحة من وجهة نظر صاحبه .
نجد النظام السياسى الدينى يحاول فرض نظامه الذى يحتوى اوامر من الله (عز وجل) ، يضع معها فكره و نظامه الذى يعتبر اجتهادا ، يلزم غيره على تطبيق فكره و نظامه ، لا يقبل منه ان يتعامل بفكره هو و نظامه فيما هو اجتهاد ، هو عين القهر و الديكتاتورية و فرض الرأى الذى يولد الغضب .
الفكرة انه يحاول ان يقنع الجميع بصحة النظام المفروض ، بينما يتعامل مع من يتعارض مع النظام على انه خارج على القانون و ساكنى تحت الارض الذين يعكرون علينا فرض النظام و تطبيقه ، لا مانع احيانا من الاستعانة بمن يستطيع سحق عظامهم لضمان تطبيق النظام .
على النظام ان يدرك انه معيوب مسبقا ، لان الكمال مخصص لواحد فقط ، وضع قواعدا معينة فى اشياء معينة و ترك الحرية كاملة للانسان يختار ما يريد ، يقترح ما يريد ، يقول ما يريد ، يفعل ما يريد فى ما هو دون ذلك ، حتى ان كانت وجهة نظر الاخرين تختلف عن وجهة نظره ، فقد يكون احيانا النظام الغير معيوب و الذى كان يهدف و يسعى لمنع الجريمة و الخطأ ، هو مصدر الخطأ نفسه ، يتم الخروج عليه بواسطته ليدمر كل شىء ، يعصف بالحياة و كل ما فيها و حتى النظام .
على النظام ان يتوقف عن فكرة فرض رأيه على الناس و يدع للناس حرية الاختيار ، بدلا من ان يجبر الناس على الاستعانة برجل هدم ، يهدم النظام الفاشل من وجهة نظرهم ، يبنى نظاما جديدا على هواهم و ارادتهم ، يخدم ما يريدونه حقا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق