خير الخلق لا يقرأ
استمعت بالامس الى برنامج يتحدث عن السيرة و مدى تأثير النبى ، انبرى الضيف الذى هو مفكر اسلامى – يحتمل الخطأ او الصواب - بفكرة اول مرة تخطر على اذهاننا جميعا ، انا شخصيا لا اتفق معه ، لكن الرجل له مواقف كثيرة ، دراية جيدة ، اراء مؤثرة ، فان كان اخطأ ففى تلك المرة و لا يجوز ان نجلده .
الرجل تناول بعض الافكار الخاطئة لدى الناس ، بدأ يتحدث عنها و يبرزها ، فى منتصف الكلام ابرى الرجل و تطرق لفكرة ان النبى امى لا يقرأ و لا يكتب ، قال عنها انها اعتقاد خاطىء ، ثم قال ان الروايات التى تتحدث عن تناول الحديث بين النبى و جبريل ( اقرأ .. ما انا بقارىء .. اقرأ .. ما انا بقارىء ) هى لا اساس لها من الصحة ، استند على ذلك بقوله ان النبى هو الكامل ، الامية صفة نقص ، لذا لا ينبغى ان تكون بالنبى .
عندما حاوره المحاور الذى كان يستضيفه عن معنى : " بعث فى الاميين نبى منهم " فسرها حضرته ان الاميين لا يقصد بها قلة العلم ، عدم القراءة و الكتابة ، بل يقصد بها عدم العلم بالله تعالى و كيفية العبادة .
انا اختلف اجمالا و تفصيلا مع حضرته فله فكره الذى قد يصيب و يخطأ ، نحن ايضا لنا رأينا الذى يحتمل نفس الاحتمالين ، ان كنا نتمنى ان يكون مصيبا باذن الله ، فقد اغفل حضرته روايات اخرى كثيرة عن عدم تعلم النبى ، انه بالفعل كان لا يقرأ ، مثل فى صلح الحديبية ، عندما رفض على واقسم الا يمحى رسول الله فى نص الخطاب ، فاراد النبى ان يحل المشكلة ، فقال : ( ارينيها يا على ) .. النبى لا يقرأ ، فاراد من على ان يريه الكلمات التى ينبغى مسحها ، يقوم هو بنفسه بمسحها .
ثم لو كان النبى بالفعل يقرأ و يكتب ، فلم يستعين بكتبة الوحى ، يخبرهم ان يكتبوا و ينسخوا ما يتلوا عليهم ، اليس من الافضل ان يكتبه النبى بنفسه ، خوفا من اى تحريف او تغيير ؟ هل نسينا رواية عبد الله بن ابى السرح الذى كفر و عاد لقريش يكذب عليهم ، يقول انه كان يخدع النبى و يغير فى كتابة الوحى ، لان النبى كان لا يقرأ لم يكن يعلم انه يفعل ذلك ،طبعا كلماته غير صحيحة ، لان الصحابة الذين يجيدون الكتابة كانوا يراجعون خلفهم ، النبى احل دمه فى وقت دخول مكة .
كل تلك الروايات و الرواية الاولى لجبريل و النبى مذكورة فى كل نصوص الكتب الاصلية ، عمالقة قدام الكتب ، التى كتبها كبار عمالقة المؤرخين الاسلاميين و ائمة السنة امثال الطبرى ، غيره ، ثم ان القرأن لا يفسر يا استاذنا ، بل هى خواطر قد تصيب و قد تختلف عند اخرين بحيث لا يجرح المعنى و الهدف الاسمى للرسالة ، لكن تفسير حضرتكم للاية مخالف تماما لما قد افكر فيه عن تلك الاية ، فالقوم كانوا لا يجهلون حقيقة وجود الله قطعيا ، لان الحنيفية كانت وسطهم ، تدين بها الكثيرون منهم ، لولا انهم اتخذوا مع الله اصناما يعبدونها ، غيروا فى مفاهيم الدين و العبادة ، فحتى تفسير حضرتكم هذا غير صحيح .
اعتقد عزيزى القارىء ان الاستاذ كان يريد ان يقول ذلك من باب ان يرفع الحرج عن نفسه ، عن المسلمين خاصة من يعيش بالخارج منهم ، حيث يخشون ان يعايرهم الغرب ان نبيهم العظيم لا يقرأ ، فاراد ان يقول ذلك ليخفف او ينفى التهمة ، هذا غير صحيح ، لانه لا يجوز من قريب او من بعيد ان يتم وضع عين الاعتبار بقول هؤلاء ، فهم ينتقدون لأى شىء ، لكل شىء ، ان لم يجدوا ما ينتقدون به ، سيخترعون الكذب عن النبى و الدين كما اعتدنا منهم ، ان اية سيدنا محمد هى اميته ، الم تعقلها يا استاذ ؟ ان محمدا الذى لا يقرأ و لا يكتب ، قد علم الامة ، امم الامم ، تلك هى معجزته ، ثم ما ادراك اصلا ان قول كهذا قد يكمم افواههم ؟ لم لا يخرجون علينا فى الغد معتمدين على قول سيادتكم ، يقولون ان محمدا كان لديه من الصحائف القديمة ، التوراة ، الانجيل ، كان يستغلها لتأليف القرأن ، العياذ بالله ؟!!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق