الثلاثاء، 15 يونيو 2010

الدجالون يسخرون



الدجالون يسخرون



عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم:
(إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فصلوا)


من المعروف فى علم الفلك ان الشمس و القمر و الارض نفسها هى اجرام سماوية شبة مستديرة ، تدور حول بعضها فى مدارات ثابتة - نسبيا - ، فالقمر يدور حول الارض ، الارض تدور حول الشمس ، يعتقد ان الشمس هى المركز الافتراضى للكون .


يفسر العلماء ظاهرة الكسوف الشمسى بتوازى مجالى القمر و الشمس مما يجعل القمر يمر بين الارض و الشمس و هو ما يحدث ظاهرة الكسوف ، و قد كان القدماء يعتقدون ان الظاهرة مرتبطة بفعل ساحر ما ، او موت رجل ذو شأن ، او وقوع كارثة ، او حدث ذو شأن للملوك ، و لذلك كان يمنع الحرب بحدوث الكسوف او الخسوف خوفا من وقوع الهزيمة او ما لا يحمد عقباه .


و لكن استطاع احد ملوك اليابان القدماء تحقيق نصر سهل و ساحق على اعداءه عندما استغل خوفهم هذا و عادة عدم القتال ، تمكن من دخول قلعة بالغة التحصين فى هجوم وقت الخسوف !!


يقسم العلماء المجال الارضى الى قطب شمالى و اخر جنوبى ، يعتقد ان كلاهما فى حالة تغيرات معينة و تباديل متوافقة ، حتى قد نصل لذلك اليوم الذى يتم تبادل القطبين سويا ، فيصبح الشمالى جنوبى و الجنوبى شمالى ، و من اهم نتائج ذلك طلوع الشمس من الغرب و نزولها من الشرق ،الى جانب احتمال بهلاك البرية جميعا فى ظاهرة انعدام المجال المغناطيسى تماما ، مرور كل اشعة الشمس الى الارض دون حجاب ، و بعضه من علامات الساعة الكبرى كما قال الرسول الكريم (ص) .



مع كل هذا و تجد وسائل الاعلام تكتظ بمجموعة كبيرة من المنجمين الذين كل دورهم هو تغيير مسمياتهم حتى لا يقعوا فى نصب الحقيقة و انهم فعلا دجالون او منجمون ، كل همهم هو التربح من وراء عقول الناس التى تمتلىء بالخرافات و الاوهام و الضلائل ، فالانسان بطبعه يريد تفسير لكل ما يحدث له ، و ان فشل يبحث عن تفسير يرضيه و ان كان غير صحيح ، لكنه يشبع حاجته و رغبته على الاقل .



تلك الظاهرة يمكن ان تكون طيبة و حسنة و مقبولة على الاقل ، لو كان اتجاهها خيرا ، فمثلا تلك طريقة العقل فى الكشف عن وجود الله ، فهو يرد ما يحدث فى الكون من ظواهر و عجائب و غرائب ، او حتى قوانين طبيعية لوجود خالق ما فى مكان ما ، و بالتالى يدرك باحساسه وجود الله ، بل و يحتاجه ليفسر ما يشغله ، يحتاجه ليمكنه تنظيم حياته ، المتابعة فيها .



و لكن سوء استخدام الظاهرة و الاحتياج عبر الدجالين ، المشعوذين ، انساب الاشياء لخرافات مثل مواقع النجوم التى لا يعلم احدهم عنها شىء ، و ان سألهم احد علماء الفلك عن مواقع تلك الاجرام السماوية ، فسوف تصبح فضيحة على الهواء ، لان و بكل بساطة جميع هؤلاء هم نصابون يحترفون النصب و الاحتيال على عقول الناس التى ينقصها الايمان و الاطمئنان ان الغيب هو فقط من علم الله ، خص به نفسه ، حفظه فى اللوح المحفوظ ، ليكون اية و دليل ان الله – و الله وحده – يعلم الغيب و مسجل عنده .



طبعا هؤلاء يسهل عليهم ان يوجدوا الاف التبريرات و انهم لا يفسرون الغيب و لا يعلمون المستقبل ، بل يعطونك دليل و طريق له فقط ، اى كلمات و خرفات هذه ؟ كيف يزور هؤلاء المنطق ؟ و ان كانوا حقا نجحوا فى ان يعرفوا ما هو المنطق و ارادوا ان يزيفوه ، الا يعلمون ان المنطق لا يثبت ثم يعاد نفيه كما يفعلون ؟ فهم يثبتون انهم لا يعلمون الغيب ، ثم يخبروك بكلام مشابه لذلك । ماذا يسمى هؤلاء التنبؤ بان زواج هذا من هذه سيفشل او ينجح ؟ ماذا يسمون التنبؤ بالرزق و ان مال فى الطريق اليك ، و الله وحده هو الذى يعلم الرزق و يرزقه ؟ ماذا يسمى هؤلاء التنبؤ بمصير الانسان و انه سيلاقى سفر قريبا ، او سيكتسب صديق فى القريب ، او اى حماقة من ذلك و ذاك ؟



كل ما عليهم فعله هو انتقاء الفاظ وجمل معبرة عن جزء من النفس البشرية ، يمكن ان ترضى الجميع ، فهم يخبرونك انك طموح ، ومن منا لا يسعى للنجاح ؟ هل تعلم انك فاشل و ستنتقل من فشل لفشل و ستظل طوال عمرك تتنقل من فشل لاخر ؟ لو كنا كذلك لاقدمنا بكل جرأة على الانتحار ، فما فائدة الحياة بدون طعم الراحة و النجاح فى اى شىء ؟ هم يعلمون ان بداخل كل منا جزء يبحث عن الطموح او على الاقل يحاول ان يرضى نفسه به .



يخبرونك انك صريح و طيب و ابن حلال ، انما احيانا تضطر للكذب و هذا عيبك ।



كل البشر يشتركون انهم يقولون الحقيقة احيانا ، يكذبون احيانا ، لذلك شرع الله لهم التوبة ، لان الله يعلم ان كل الناس ستخطىء ، و ايضا سيصيبون ، فليس كل الناس مسواهم الجنة و ليس كلهم مسواهم النار । اذا الجميع تنطبق عليه الجملة السابقة ، لا مبرر فى ان لا تصدق مثل ذلك طالما انت مهيأ لذلك . الاقناع و التوهم هم جزء مهم و معروف لدى علماء النفس و يعلمونه جيدا ، فمثلا ان كنت تنتظر احدا ما ، سمعت جرس الباب فى نفس الميعاد الذى وعدك ان يمر عليك به ، فانت تقوم لتفتح و انت يقينا بداخلك تشعر انه هو ، حتى تفتح لتفاجأ انه شخص اخر . رغم انك من ثوان قليلة كنت على استعداد ان تقسم انه هو ، و انه حضر فى موعده بالضبط ، لكن انت كنت مهيأ لتصديق انه هو ، كذلك عندما يخيفك شخص من شىء ما او مكان ما ، فانت مستعد و مهيأ تماما ، لتقبل الايحاء و الخوف من ذلك الشىء او المكان ، حتى و ان كنت من داخلك لا تصدق به .



هذا ما يفعله هؤلاء الدجالون بالناس ، سواء صدقتهم او كنت مكذب لهم ، كل ما عليه هو ان يعطيك ما ترضى به احيانا ، ايهامك و اقناع نفسك التى تريد تفسير لكل شىء ان لديه التفسير ، للاسف نصدقهم ، تمتلىء الجرائد – حتى القومية – بأمثال هؤلاء الدجالين ، يمتلىء التلفزيون و الاذاعة ببرامج هؤلاء الافاقين ، عن التنبؤ بالمستقبل بواسطة الابراج ، او تفسير الاحلام ، او قراءة الفنجان ، او الكوتشينة ، او غيرها من وسائل الافاقين . ان هؤلاء الدجالين لهم يسخرون منا و من عقولنا و من نفوسنا و ايماننا الضعيف فى قرارة انفسهم ، فمتى نفيق ؟ !!!





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق