الاعلانات
لاشك ان الاعلانات اصبحت تمثل جزء من حياة كل عربى ، فهو سواء اختار و احب ، ام لم يختار و يحب ، اصبحت هذه الصناعة الكبرى جزء فى كيان كل مصرى ، البعض ينجذب للمنتج و البعض لا ، البعض يستمتع بمشاهدة الاعلان و البعض لا ، البعض ينجذب لاعلان و البعض لا ، لكن مؤكد ان الكل يشاهد او يقرأ او يسمع اعلان ما ، فهى تغطى جميع وسائل الاعلام المرئية المسموعة و المقروءة ، ايضا لافتات المحلات و الطرق و الكبارى فى كل مكان .
ستة مليارات ونصف المليار هو حجم الإنفاق الإعلانى فى مصر لعام 2007 وفقا لمركز بحوث التسويق والإعلان التابع لوكالة الأهرام (ماك) ، وذلك غير الإعلان على القنوات الفضائية ، ثلاثة مليارات لإعلانات الصحف ، ومليار ونصف المليار فقط للتليفزيون ، ومثلها لإعلانات الطرق ، و300 مليون للإذاعة ، و300 مليون للمجلات ، فحجم هذه الصناعة فى حالة تضخم مستمرة منذ بداية الثمانينيات .
يقول احد اصحاب وكالات الاعلان فى مصر: إن أصغر حملة إعلانية يجب ألا تتكلف أقل من ثلاثة ملايين جنيه !!!
هذه اصغر حملة اعلانية ؟ و هذا هو الحد الادنى للتسويق ؟
و بالفعل نرى فى خلال اخر 3 سنوات فقط ان احدى شركات المحمول تكلفت حملتها 160 مليون جنيه كفتح شهية فقط ثم عادت و صرفت اكثر من هذا اضعافا مضاعفة فى السنتين التاليتين ، تكلفت حملة الضرائب 68 مليون جنيه فى السنة الأولى فقط للتتضاعف فيما بعد لتصل الى اكثر من 230 مليون جنيه ، تصرف تلك الاعلانات الكثير و الكثير للعرض على شاشة التلفزيون و القنوات الفضائية ، مبالغ تصل الى حد 5200 جنيه لاعلان مدته نصف الدقيقة فقط .
كل هذه المبالغ تصرف لجذب حضرتك و حضرتى على شراء المنتج سواء بشكل مباشر او غير مباشر ، لو نظرت لحجم المبالغ و حجم تلك المؤسسات لادركت تماما انهم يربحون اكثر من هذا بكثير ( الرقم متروك لحضرتك لتقديره ) । و لكن ما يلفت النظر و يدعو للانتباه و التعجب فى نفس الوقت هو لم تكلف الضرائب مثل هذا المبلغ الكبير لحملة اعلانية ؟ و لم حملة اعلانية ضخمة اصلا للضرائب ؟ هل هناك شبه توكيد ان المصريين لن يسددوا ضرائبهم لذلك يغروهم بتلك الاعلانات ليشجعوهم على تسديدها ؟ لو كان ذلك السبب فلم لا تذاع تلك الاعلانات فى شهر مارس فقط و هى فترة كافية جدا – شهر بالتمام و الكمال قبل اخر موعد لتقديم الاقرار – لتدشين تلك الحملة على مسامع و عيون الناس ؟ لو وفرت وزارة المالية تلك المبالغ و احتفظت بها ما احتاجت ان تفرض ضرائب جديدة او لزمها موارد هيئة التأمينات و المعاشات .
ثم يطل علينا موضوع اخر ، هى فكرة الاعلان نفسه ، فنجد ان معظمهم افكاره سطحية و تافهه و الاغلب منقول عن فكرة اجنبية ، فمبدعو الإعلانات او أصحاب فكرة الإعلان هم أغلى عنصر فى عناصر صناعة الإعلان، أقل أجر يتقاضاه مبدع إعلانى فى أصغر وكالة هو خمسة عشر ألف جنيه شهريا، ويصل إلى مائة وعشرين ألف جنيه فى الوكالات الكبيرة. إلا أنه ورغم ارتفاع أجرهم لايزال بعضهم يستسهل نقل أفكار عن إعلانات أجنبية.. او يسرف فى الاستخفاف و التفاهة بعقول المشاهد ، البعض الاخر يتسول فى الاعلان الذى يقدمه ، فما الفكرة من تقديم امرأة شبه عارية بجوار اعلان كريم شعر للرجال ؟ او مغازلة من امرأة كهؤلاء لرجل يعمل مراسل اخبار على وسامته و انه يستعمل ماكينة حلاقة معينة ؟ او ارتمائها فى حضن رجل يستخدم مزيل عرق كذا ؟
ان هذه الشركات تتسول الاعلان ، و لا تكتفى بهذا فقط بل اسمع معى كلمات احد صانعى تلك الحملات على زين، مبدع إعلانات احد شركات المياه الغازية و الذى كان متخوفا من ألا نحصل على الكأس، وبناء على ذلك كان يريد هو ومجموعته أن يصنعوا إعلانات خفيفة تتسم بخفة الدم والسخرية من بعض الأشياء، إلا أنه وكما يقول زين، العميل أصر أن تأخذ الإعلانات الطابع الوطنى، مما اضطر على زين ومجموعته أن يغيروا فكرة الحملة ووضعوا عبارتين لتنزل إحداهما حسب نتيجة المباريات، فإذا لم يكن المنتخب قد فاز بالكأس كانوا سيكتبون بدلا من ( كلنا كنا وراهم ومن الأول شجعناهم ) عبارة ( من البداية كنا معاكو وهنفضل وراكو ) .
انظر لكم الاستخفاف بوطنية شعب بأكمله ؟ لو فزنا فكذا ، لو – لا قدر الله – هزمنا فكذا .... اى استخفاف و تفاهة هذه ؟
ثم اهلا و سهلا باعلان الضرائب الذى سبب الغباء التام للمصريين ، خاصة اثناء رمضان ، ليخرج لك ممثل مغمور و فرقة مغمورة و عود – تقريبا مستأجر تخليص حق – ليقول لك جملة واحدة بعد انتهاء الاعلان كافية بأصابتك بالعقم فور سماعها : يا عبد القوىىىىىىىىىىى . هل من المفترض ان يصيبك التلفزيون بالغم و الرتابة فى اثناء الشهر المبارك ؟ هل نحن مطالبون بفقد صيامنا لسب كل من شارك فى صناعة هذا الاعلان الرتيب الممل ؟ - لاحظ انه كان يعرض دائما بعد الافطار و ليس قبله –
و لكن حتى الممثلين فى هذة الاعلانات كموديل لو بطل هو مستفيد كاصحاب الحملة و الشركة المسوقة .... فهم الى جانب تدرج مرتباتهم من مئات الى الاف الجنيهات ، الا ان كل منهم يحلم ان يصبح نجما سنمائيا اعتمادا على ما يقدمه من ابتذال فى تلك الاعلانات فممثلات و مقدمات برامج تلفزيونية كثيرون بدأوا كهؤلاء . أما النجوم فتبدأ أجورهم من مليون جنيه، فأحمد حلمى ومنى زكى تقاضيا خمسة ملايين جنيه عن أداء إعلان السيارة। إلا أن المشكلة الأساسية التى تواجه الفنان هى كما يقول الفنان شريف منير أن الإعلان إذا طالت فترة تكراره سوف يتسبب فى حرق الفنان وأكد أنه لم يقبل الإعلان الذى أداه إلا بعدما تأكد من أن مداه الزمنى ستة أشهر فقط ( ههههههههههااااااااى) .
فقط الخاسر الوحيد هو ذلك المشاهد الذى يتابع الاعلان وراء الاعلان يمر سريعا كطلق الرصاص ، فيعجب بهذا و يكره هذا ، و لا شعوريا يشترى تلك المنتجات فيفاجأ بصفعة مدوية انه لا يجد بها اى ميزة من المذكورة فى الاعلان ، و ان الموضوع بأكمله كان ( كلام اعلانات ) ، قال لى والدى مرة ان افضل منتج تريد شراءه هو ذلك المنتج الذى يباع دون اعلان ، فور علمك انه قد انتج له اعلان توقف عن شراءه لانهم بدأوا يغشوا فيه .
البيانات فى المقال نقلا عن روز اليوسف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق