الخميس، 22 أبريل 2010

هل الانسان مخير ام مسير ؟

هل الانسان مخير ام مسير ؟




هذا السؤال دائما ما يطرح علينا يوميا ، دائما ما نسمعه فى حياتنا ، دائما ما نفكر فيه ، دائما ما نرى غيرنا ايضا يفكر فيه ، حتى الفلاسفة و المفكرين لم يهنأوا من التفكير فيه ، حتى صار السؤال جملة كأن لا حل لها مثل البيضة كانت اولا ام الدجاجة ؟




و لا اعرف لماذا حتى الان الانسان فى حيرة من امره ، هل هو مخير يختار ما يفعل و كما يشاء ان يفعل ، دون اوامر من احد يعلوه ، او رب يذكره دائما ان عليه فعل كذا و كذا ، ام هو مسير وفقا لرغبة الله تعالى و حسب ما نصه الله فى اللوح المحفوظ ، حسب ما يعلمه الله مسبقا فهو عالم الغيب و الشهادة و منها المستقبل و ما سيفعله الانسان لاحقا .




فى الحقيقة رغم كل ذلك فالانسان مخير ... تماما كما هو لديه حرية التفكير و حرية الاختيار و حرية الابداع و حرية الكلام و حرية القول و حرية الفعل . هو من يختار كل ذلك و الله تعالى – عز و جل - قد قام بتنبيهه فقط لا توجيهه الى حيث هو يفترض او يقدر له ان يكون ، فالله تعالى يريد ان يريح الانسان و يوفر عليه مشقة البحث و التفكير فى بعض الامور التى سيرهق نفسه فيها و لن يؤديها على خير ما يرام كالعبادة مثلا فيعلمنا كيف نعبده ، و ايضا فى امور تخضع للشهوات و اللذات التى قد تغلب صوت الضمير و العقل احيانا ، مثل الانتهاء عن شرب الخمر و الزنا و الفاحشة و المنكرات و جمع المال الحرام . فكلها افعال قد تغطى فيها النفس و الشهوة على صوت العقل و البيان .




و خير دليل على ذلك هو ان النسان ما زال بعد كل هذا لا يطيع هذه الامور ، فنرى السكارى امام كل حانة ، و نرى الزنا حتى على شاشات التلفاز و السينما بأسم الابداع ، نرى جمع المال الحرام فى المفسدين الذين يقدمون للعدالة يوميا و رغم هذا يتزايد عددهم ، نرى الغافلين عن الطاعة و عن الله اصلا فى كل مثال من هؤلاء ، ان ازدادت نظرتك للخارج قد ترى ايضا من لا يريد ان يعترف بالله اصلا – و العياذ بالله - .




هل كل هؤلاء هم مثالا للمسير ام للمخير ؟


طبعا المخير الذى اختار ان يضل نفسه بنفسه ، فالله رغم انه يعلم مسبقا انه سوف يخطىء الا انه يتركه و لا يحاسبه مسبقا على شىء لم يفعله بعد ، بل و يترك له الفرصة و المجال بعدها لعله يتوب و يكفر عن سيئاته و يطلب من الله العفو و المغفرة قبل ان يلاقى الله للحساب . فالله فقط يعطيه الفرصة و حرية الاختيار و الانسان نفسه يختار لنفسه مصيره بعدها .




لازلت لم تقتنع بعد ؟!!!


دعنا نضرب مثلا بسيط جدا و هو اول ما فعله اول انسان على وجه الخليقة ، اول قصة نعرفها عن اى انسان جاء للوجود و الحياة التى نحن عليها . انه سيدنا ادم – عليه السلام – ابو البشر جميعا ، اول ما فعله هو انه تعهد ان لا يطعم الشجرة هو و زوجته حواء ، رغم تنبيه الله و تحذيره - لا اجبار - الا انه تناول منها . هل سألت نفسك سؤال هنا ؟ لماذا و الله مطلع على كل شىء لم يخبر ادم بعد ان اقتطف من الشجرة الا يطعمها كما حذره مسبقا ؟ لماذا تركه حتى تناولها و اصبح اثما ؟ و ما العبرة من تناولها من عدمه فى القصة ؟



الموضوع ببساطة ان الله ترك لادم حرية الاختيار و حرية التصرف ، فالله ينبه الانسان لما ينبغى له ان يفعل و لكنه لا يجبره فهو له مطلق الحرية و الاختيار كى لا يصبح مسيرا فى هذه الحياة ، هو يختار بنفسه حتى الخطأ الذى يعرف انه خطأ ، و لا احد يسيره عليه .



ثم ان هدف القصة بسيط جدا ، الامر ليس تناول الثمرة او الهبوط من الجنة للارض ، اطلاقا ... الامر تجربة واقعية و حقيقية و فى بدأ الحياة للانسان ليتعلم انه رغم انه وعد الله ان يفعل كذا و كذا و كذا ، ينتهى عن كذا و كذا و كذا ... الا انه يختار و بنفسه و دون تدخل من الله سبحانه و تعالى ان يفعل ما يريد و حتى لو كان خطأ ، فأدم تناول من الشجرة بأختياره و ليس تسييرا من احد ، كذلك يفعل ابناء ادم الى الساعة ، فهم يختارون كل ما يريدون رغم تنبيهات الله – عز وجل – و رغم ارشاداته مع كل رسالة نبوية .



اذا لم يصر هؤلاء على ان يحيروا انفسهم و يحيرونا فى هذا السؤال ؟


الموضوع ان هؤلاء اصلا لا يريدون لانفسهم ان يصبحوا تحت سلطة احد ، لا يريدون احد ان يأمرهم بشىء ، او ينهاهم عن شىء ، هم يريدون ان يعيشوا حياتهم – و لو طالوا اخرتهم – دون ان يأخذوا اوامر من احد ، يريدون لانفسهم ان يكونوا اسيادا للكون و حكاما لكل مخلوق ، يريدون ان لا يواجهوا الله و يحاسبون ، يريدون ان لا يلقوا حساب الاخرة ، يريدون ان يحكموا العالم و لا يحكمهم احد ، ذلك هو الغرور لا سؤال العقل و الالغريزة الى المعرفة و لا مؤكد اى نوع من التفكير المنطقى السليم । نفس ما قالته الاية منذ نزول القرأن على سيد الخلق اجمعين :



(ذلك بأن الله مولى الذين ءامنوا و ان الكافرين لا مولى لهم *11*) سورة محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق