عنتريات
فى علم النفس يقال ان الفرق بين الثقة و الغرور هو الشعور الداخلى اثناء القيام بنفس الفعل ، فمثلا لو قلت عن نفسك انك نجحت ، لا تتقصد من ذلك التفاخر و التعاظم على خلق الله ، فانت تتحدث بثقة عن امر تم بالفعل ، اما ان قلتها تبتغى من ورائها الخيلاء و التعظيم ، فهنا انت تتحدث بغرور .
كما انه يوجد فارق بين الغيبة و البهتان ، فالغيبة هى ان تصف الفرد بما فيه فى غيابه ، بينما البهتان هى التجنى على الاخرين بما ليس فيهم و فى غيابهم ، كلاهما فى النهاية محرم حراما فى الاديان السماوية و مخالف لتعاليم الله عز و جل التى زرعها فى فطرة كل منا ، كما انها مخالفة للاداب العامة و الاصول و الثوابت التربوية - ان كانت منتشرة كانتشار النميمة - لكن المهم انك و حتى ان لم تكن تملك سلطة للمعاقبة ، فلا يصح و لا يجوز ان تتهم فرد فى غيابه ، لأنه لا فرصة له بالدفاع عن نفسه .
كما ان الاتهام بدون دليل واضح دامغ ، ايضا من المحرمات ، يمتنع ان تتلقى حتى الخبر دون ان تتأكد منه لعله غير صحيح ، او لعله جاء من شخص ثقة عرفه من شخص ليس على نفس مستوى الثقة .
لكن ما طالعناه فى الفترة الاخيرة من تصريحات جاء مخالف لكل هذا ، الحكومة كالعادة تكذب .. الحكومة كالعادة تعد و لا تفى .. مجلس الشعب كالعادة يناقش و يفحص و يمحص و لا اى شىء فى النهاية ، اطلاقا لا شىء يذكر ، لا حل يمكن ان نتحدث عنه حتى الان لأى مشكلة ، كل ما خرج حتى الان توصيات القي بها فى جبال القمامة الضخمة و التى ما اكثرها فى شوارع و عقول فى مصر .
نقرأ عن اتهامات واضحة بأدلة لمنظمات المجتمع المدنية ، كله بالدليل ، لكن سيظهر فى وقته بعد ان ينتهى التحقيق ، ينتهى التحقيق و تحول القضية الى المحكمة ، لا يظهر الدليل ، يتم تجديد الحبس بناءا على ما اوتى من ادلة ، التى لا نعرفها او نعلمها حتى اللحظة ، مؤتمر صحفى لأعلان تطورات القضية و لا عرض لأى دليل يذكر و لكن كان الهدف فقط التصريح بعدم التدخل الامريكى فى شئون القضاء .. ثم اذ فجأة يتنحى القاضى المسئول و يتولاها قاضى اخر فى نفس اليوم ، يطالع ورق القضية فى نفس اليوم ، يحكم فى نفس اليوم انه لا يوجد اى دليل يمنع السفر من الخارج و يقوم بألغاء القرار بمنع السفر .
يخرج الجنزورى ( واستاذته فيما يبدو فايزة ابو النجا الوزيرة المعمرة فى كل الحكومات ) ليتحدث عن القضية و يقول ان هناك ادلة ، ان مصر لن تركع لأمريكا او اى ضغط خارجى ، مصر لن تركع .. لن تركع .. لن تركع !!
ثم بعد الغاء القرار بالحبس و منع السفر ، خروج المتهمين من مصر فى اثناء اجراءات القضية و عدم انتهائها ، اذ بالحكومة الوثيرة لا تظهر ابدا ، لا تعلق ابدا .
المجلس الاعلى بقيادة المشير طنطاوى يتحدث عن احترام القضاء ، يتحدثون على انهم يديرون البلاد لا يحكمون ، قائد الجيش الثالث يتحدث منذ ايام عن ضرورة احترام القضاء و انه لا يمكن ابدا ان نتدخل نحن او الرئيس القادم فى شئون القضاء او اعطاء اى اوامر من اى نوع ، ثم نجد كل ما يحدث على طريقة الريموت كنترول !!
الشيخ محمد حسان و الصحفى النائب مصطفى بكرى اللذان شدا من دفاعهما عن المجلس العسكرى و هاجما و بشده كل منتقديهم او معارضيهم ، اخذوا يجمعون لهم التبرعات للاستغناء عن المعونة الامريكية لتظهر عدم الحاجة امام الولايات المتحدة و البطولة لاعضاء المجلس العسكرى الذين يتلقون اجورا مليونية شهريا امام فقراء الشعب المصرى ، اخذوا يكيلوا الاتهامات بدون دليل و يقف النائب مصطفى بكرى فى البرلمان ليعلن ان البرادعى عميل امريكى هو و منظمات المجتمع المدنى ، ثم يستجوب ليقول اى " هتش و نتش " فيصفق النواب الاسلاميون و يصوتون ضد اسندعاؤه للجنة الانضباط اسوة بالنائب زياد العليمى ، ثم يتبادلون الاحضان و القبلات و التهنئات بعد زيف الضمير فى التصويت .
اليوم يقف كل هؤلاء مصدومين من القرار ، لا يزال الشيخ محمد حسان يعيش الصدمة ليطالب بالكشف عن نتيجة التحقيقات و الادلة التى تثبت صدق النوايا ، غير مصدقا انه كان لعبة بأيدى السلطة للمرة الالف ، معه يخرج مصطفى بكرى ليقول ان الواقعة كانت مثل الصفعة على القفا ، لأتذكر جلمة الفنان صبرى عبد المنعم فى مسرحية فارس بنى خيبان ( انت اللى سبت قفاك ).
الاخوان المسلمون و حزب النور السلفى يتحدثون عن البرلمان الذى سيأتى بالشريعة و سوف يحل كل المشكلات بمجرد نجاحهم ، يتهمون الاخرين بالتعاون مع امريكا و انهم خونة و عملاء يجلسون مع اعضاء البيت الابيض ، ها هم بعد ان تولوا الاغلبية الكاسحة فى البرلمان ، لم تحل مشكلة واحدة .. جلسوا مع الامريكان .. زاروهم فى امريكا و زاروهم الامريكان فى مصر .. بل و كانوا الوسيط لحل مشكلة الامريكيين المحتجزين لدى السلطات المصرية بحسب تصريحات الوفد القادم من الكونجرس الامريكى !!
يخرج احد النواب السلفيين بتصريح هو ان سبب ما نحن فيه هو انشغالنا بتعلم اللغة الانجليزية بدلا من اللغة العربية و هو بحسب وجهة نظره السبب فى انتشار عدم الانتماء ، كأننا لم نكن فى ثورة نضحى بها بالدم من اجل الوطن ، فيطالب هذا النائب بألغاء تعلم اللغة الانجليزية ، الاكتفاء بما لدينا .. كأننا لدينا كل العلوم و الثقافة و الحضارة العظيمة ، كأننا لدينا كل الاختراعات و المكتشفات العلمية فى القرون الاربع الاخيرة ، كأن الطب و العلوم و نظريات الفيزياء و نظريات الهندسة و الرياضيات كلها باسماء عرب هم من اكتشفوها .
يخرج بعض المهمين كما يتم تقديمهم للمشاهد ليتحدثوا عبر وسائل الاعلام عن القضاء المصرى الشامخ الذى لا يتلقى اوامرا من احد ، عن استقلال القضاء ، كأن الاحكام التى صدرت على المعارضة كانت كلها بأدلة و الاحكام التى اصدرت ضدهم كانت عادلة و صادقة .. بينما ينتقدون كل من يطالب بتطهير و استقلال القضاء بل و يتهمونهم بأنهم يريدون اسقاط البلاد للفوضى . يتحدثون عن ضرورة المحافظة على الشرطة و القوات المسلحة و المخابرات و القضاء ، أنهم الاعمدة الرئيسية التى ستسقط البلاد دونهم .
كل هؤلاء لا نستطيع ان نسمع صوتهم الان بعد الفضيحة ، كلهم ينامون فى بيات طويل حتى انقضاء اى واقعة فاضحة لكذب ما يقولون ، ثم يعاودون الظهور بنفس الاكاذيب بعد ان يسلى الناس عن الواقعة .
فى اثناء المظاهرات قبل و بعد خلع الرئيس السابق ، يخرج احد اعضاء المجلس العسكرى بالاضافة لوزير داخليته سواء اللواء منصور العيسوى او اللواء محمد ابراهيم ليقولوا انه " لا يوجد خرطوش ، لا يوجد رصاص " ، بينما الجثث تتحدث عن نفسها بما فيها من مئات الطلقات النارية سواء خرطوش او رصاص حى ، لم نكن نعلم قبل اليوم اننا نحتاج ان نصور وقائع الاطلاق للرصاص الحى و الخرطوش حتى نثبت كذب تلك التصريحات ، فالعبرة دائما هى الاكتفاء تقرير الطب الشرعى بوجود الرصاص ليثبت المسؤلية الجنائية ، و حتى وان فعلت و صورت يقال انها صور و فيديوهات تركيب ، ان صدق صحة الفيديوهات و هى بالطبع صحيحه ، يتم اتهام الاعلام الذى يبث تلك الفيديوهات بأنه عميل او يريد اسقاط البلاد ، نفس لغة مبارك التى كانت تردد فور اى كلمه ضده بوضع تصوير ان مبارك هو الدولة ، ان من يتولون بعده هم الدولة !!
كل هذا بسبب تصريحات عنترية من كاذبين تتحدث عن كذب الاتهامات المثبتة بأدلة ، يصدقها البلهاء ، او هكذا يصور لهم ، حتى تصل الى درجة ان يتصور اللواء منصور العيسوى ان احدا سيصدق كذبة ان المتظاهرين ماتوا بفعل طرف ثالث اندس وسط المظاهرات ليقتل المتظاهرين بواسطة "نبال " بها "مقذوفات معدنية" .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق