خد لك هدية من عند توتى

منذ سنوات لو كنت فى مثل عمرى او اصغر بجيلين ، كان يمكنك متابعة برامج الاطفال عندما كنت طفلا صغيرا عبر التلفزيون الارضى متمثلا فى القناة الاولى و الثانية ، قد يتوفر ايضا لديك الفرصة فى متابعة بعض القنوات المحلية التى تم اضافتها الى رصيد التلفزيون الحكومى بداية من القناة الثالثة الى القناة الثامنة عروس الصعيد كما اطلق عليها .
كان ذلك فى زمن التلفزيون المقتصر على تلك القنوات ، لم يكن الريسيفر قد انتشر بعد ، حتى القنوات الفضائية فى ذلك الوقت لم تكن بحجم الانتشار و الزخم الحالى ، فلم يكن هناك داعى لذلك ، كان التلفزيون المصرى كما هو يتحدث بأسم السلطة ، بأسم الحكومة و الرئيس و الحزب ، فيستعرض انجازات سيادته فى الصحراء ، كثرة عدد الوفود السياحية التى ترتاد مصر لتزور الاقصر و اسوان و الغردقة ، يحرصون دائما ان يتحدثون فى التلفزيون ليخبروك بكم حبهم و عشقهم لمصر و بمدى الابهار الذى وجدوه و حسن الضيافة ( كان لابد ان يؤكد عليها كل ضيف اجنبى ) ، ثم تختتم الفقرة بأغنية دليدة "حلوة يا بلدى " .
عموما فى ذلك الوقت لم يكن يشغلنا التلفزيون كثيرا ، لم نتوقف عند تلك البرامج كثيرا ، بل كان همنا الشاغل هو متابعة برامج الاطفال حتى نستمتع فقط بالفواصل الكرتونية بين الفقرات ، حلقة لتوم و جيرى او كارتون مازنجر او جرينديزر ، او اى كارتون يسلى اى طفل فى مثل اعمارنا .
و من البرامج التى كانت تقدم وقتها ، برنامج للاعلامية سامية شرابى تحاور فيه احد الاطفال و تسأله بعض الاسئلة ، برغم كم السماجة التى كان ينقلها التلفزيون المصرى عبر برامجه و خصوصا مثل تلك البرامج ، الا انه كان يشهد تطويرات مستمرة ، من الانتقال من التسجيل فى استوديو صغير متر فى مترين ، الى اكبر قليلا ، الى التسجيل فى مسرح كبير و تكون مكافئة الطفل الرابح ان "يأخذ جائزة من عند توتى " .
و توتى كان روبوت يتقدم و معلق فيه 3 انواع من الالعاب الصغيرة التى تناسب هذا الجيل مثل مسدس و مكعبات و عروسة و غيرها ، الا انى اصبت بالضحك فى مرة حتى ادمعت عيناى من طفل توجه الى " توتى" لينال جائزته ، فأراد ان يحمل توتى نفسه و يذهب به الى البيت !!
تذكرت هذا الموقف فى تلك الايام عندما قرأت التصريحات التى ترد عن بعض المرشحين لمناصب مختلفة ابرزها رئيس الجمهورية ، الغريب ان مثل هؤلاء لا يستطيع احد كان يعيش فى مصر و يتنفس غبار هواء شوارعها ، لا يمثل قطاع الاجانب الذين يؤكدون على حسن الضيافة فى البرامج اياها ، لا يستطيع ان ينكر ان معظم هؤلاء كانوا اعمدة رئيسية فى النظام السابق .
فاحدهم كان صديق الرئيس السابق المقرب و كان كل طموحه منصب فى ان يكون نائبا له حتى يخلفه الواد ، فيصبح فى خدمته ايضا ، احدهم كان نائبا وقت ان كان الرجل نائبا ايضا و لم يكن يفعل اى شىء تخص منصبه الا بعد استشارة النائب الاخر العسكرى من وجهة نظره ، ذلك لأنه لا يفهم فى العسكرية و لا يعرف كيف يدير فكيف يحتمل ذلك المنصب و هو رجل مدنى ؟؟
و اخر كان يتحدث و يتحدث و يدين و يشجب الظالم و المظلوم و لكن بكل رفق و ود ، ظانا بذلك قد قال كلمة حق دبلوماسية ، و اخرين على شاكلة هؤلاء و اقل قيمة .
ان مثل هؤلاء كان يطمع فى منصب ضئيل مثل نائب رئيس او رئيس وزراء او مستشارا للرئاسة ذو قيمة و تقدير ، او مجرد ان يتحدث فى الاعلام بكل عظمة عن رؤيته للاوضاع و يتحدث الناس عن مدى حكمته .
لكن هؤلاء فجأة لم يكتفوا بذلك بعد ان قات الثورة و حلموا فيما هو اكثر من ذلك ، هو حمل توتى كله معهم الى المنزل ، او حمل منصب الرئيس كله معهم الى القبر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق