لماذا يحرم الملحد من نعمة الرضى ؟

كل انسان يولد مؤمن على الاقل بوجود خالق لهذا الكون ، منذ لحظة وجوده فى رحم موصد الابواب عليه ، برغم عدم سعيه داخل الرحم لقمة العيش و و انشغاله بالحاجة الاساسية و هى التكوين ، الا ان طعامه و رزقه يصل اليه رغم ذلك ، فيعلم ان هناك من سبب و هناك من متحكم ، راغب فى ان يمد له فى العمر الى اجل مسمى ، يجد نزعة غريزية معطاه بداخله الى امه ، رحمة داخل الام الى ابنها ، زرعها فى كليهما خالق بارىء ، بالتالى ينشأ كل منا على ايمان بوجود متحكم فى كل ما يحدث ، حتى يكتمل ايمانه بباقى اركان الايمان ، يتحول وفقا للعالم الذى يصنع حوله الى ملحد او مؤمن .
انظر الى قسم الله عز و جل مثلا ، احكام اياته فى قوله : ( فلا اقسم بمواقع النجوم * و انه لقسم لو تعلمون عظيم ) الواقعة 75 و 76
نزلت الايات بين قوم كانوا يعتقدون ان السماء ما هى الى مظلة تظل الارض ، يوجد بها عدة اضاءات تزينها و ترشد المسافر فى البيداء ، لكن لم يكونوا ليتصوروا ان السماء فراغ كبير اكبر من الارض ملايين و ملايين المرات ، لذلك قد يستخف البعض منهم و منا ايضا بهذا القسم ، فيعود عز و جل ليقول انه قسم ليس هينا و ثبات مواقع النجوم هذه ليس بشىء بسيط .
علمنا اليوم ان السماء فراغ يسبح فيه النجوم و الكواكب ، فى مدارات متفاوتة ، اى ان الارض تدور حول الشمس بسرعة معينة ، الشمس و ما يتبعها تدور فى فلكها الذى يختلف عن مدار الارض فى السرعة ، كل ذلك يختلف عن مدار اى نجم فى السماء يدور بمدار خاص به و بسرعة خاصة به .
فتعود اليوم لتسأل نفسك ، و كيف مع تفاوت كل تلك السرعات و تباين كل تلك المسارات ، تظل النجوم محتفظة بنفس مواقعها فى السماء ؟؟ و كيف يظل النجم القطبى مشيرا للشمال دون غيره ؟؟ و كيف تظل فى نفس التنسيق و الترتيب المهيأ لها ؟؟
فتعود لتتذكر الاية الثانية ، انه بحق قسم عظيم و غير عادى ، لكن ذلك بعد ان علمنا بعض الحقيقة التى لم يدركها السابقون .
لاحظ ان جاليليو و هو من اوائل من تحدثوا عن دوران الارض حول الشمس فى العصر الحديث لم يكن مسلما ، من جاء من بعده يتحدثون عن دوران الجموعة الشمسية و النجوم كافة لم يكونوا مسلمين ،لكن مع كل هذا لقد افادوا المسلمين فى تفسير ايتين كهاتين ، رغم عدم حاجتهم لتفسير مثل هاتين الايتين .اعتقد ان فى ذلك ردا بالغا حكيما على من يجلس خلف مكتب فى مسجد يخطب فى جموع الناس الفقيرة البسيطة عن نبذ العلم الغربى ، الاكتفاء بالعلم العربى و الدينى .
لكن عموما ، لاحظ ان الملحد يختلف فى نفسيته و طبيعته العقلية و التساؤلية عن المؤمن ، فبعد ان نعلم جميعا هذا ، تجد المؤمن يسأل نفسه مباشرة من خلق كل هذا و احسن نظامه و ترتيبه ، فتجد نفسه تجيبه بكل ثقة انه الله الواحد الاحد ، بينما الملحد ستجده لا يريد ان يشغل نفسه بهذا السؤال اصلا ، لان اجابته ستحرجه ، بالتالى هو يقفز فى التساؤل الى ماذا يحدث لو اختل ذلك النظام الذى قدر له ان يكون هكذا ؟؟ و ما مقدار المصائب و الاضرار التى قد تقع جراء اختلاله ؟؟
و بالتالى يجد الملحد ان حياته تضيع بين قلق عام و خوف مستمر ، قلق من ان يختل التوازن ، خوف على نفسه من نتيجة و عاقبة ذلك ، بينما تجد المؤمن قد اراح نفسه و ارتضى بان الله عز و جل هو خالق هذا الكون ، قادر على حفظه الى اجل مسمى ، بالتالى نال حظه من الرضى و تفرغ فى حياته للقيام باشياء اهم و ذات نفع و فائدة ، بينما الملحد تجد نفسه انقبضت عن الحياة و اصابه اليأس و الفتور ، لاحقه القلق الدائم ، هو ما قد يفقده متعة الحياة ، يقلل من نفع ما يقدمه .
ذلك لان الايمان هو طاقة نفسية تدفع الى الامل و العمل ، غيابه يبعث فى النفس الكئابة و الغم و اليأس ، الدعاء هو باب لتلك الطمئنينة التى تدفع للعمل و ليس بابا للتواكل ، فالمؤمن يدعو الله ، ثم يفعل ما عليه راضيا متكلا عليه بعد ان يقوم بكل ما فى وسعه ، بينما الشخص الذى يغيب عنه الايمان ، دائما يشعر ان الامور كلها ضده ، مما يزيد من احباطه ، يجره الى الفشل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق