لا للتعصب السياسى
قامت ثورة يناير 2011 لتلغى فكرة و اثار تعصب الحزب الحاكم الوطنى فى ذلك الوقت ، لكل من ينتمى للحزب الوطنى ، فالحزب الوطنى هو من يشكل الحكومة ، هو فعليا من يحكم ، هو من يثير القضايا ، هو المنوط بحلها بمفرده ، هو من يطعم الشعب المصرى ، هو من يوصل المياه للقرى المصرية ، هو من يرعى الشباب فى مصر ، هو من يرعى الرياضة فى مصر .. اتحادات الطلبة فى الجامعات من الحزب الوطنى ، الضيوف على التلفزيون المصرى من الحزب الوطنى ، من يعمل و يجد من الحزب الوطنى ، من يخطط و يفكر من الحزب الوطنى ، غيره يكفيه الاشادة بدور الحزب الوطنى ، الاستمتاع دون المشاركة فى دور الحزب الوطنى فى البلاد .
و لكن مع سقوط الحزب الوطنى و سقوط النظام البائد ، ارتفاع راية مصر خفاقة بأسم الثورة ، شعبية الثورة التى فاقت كل التخيلات الخارجية منها قبل الداخلية ، بدأت النبرات تعلو بازاحة كل قديم و منتمى للنظام البائد و استبداله بما هو جديد منتمى للفكر الشعبى المصرى ، هذا امر مشروع جدا و مقبول جدا ، فالسياسى الذى صار عمره 66 عام و ان كان منتمى للنظام السابق او لا ، كان يراهن دائما على انه لا يوجد البديل المناسب و الكفء الذى لديه مثل ما لديه من الخبرة و الحنكة السياسية ، ان الجيل الجديد كله مهمش ، ليس له رأى اصلا فى السياسة ، هو ما ثبت خطأه فيما بعد ، ظهر مع الثورة جيلا جديدا يخلو من الزيف و النفاق ، يمتلك الكفاءة و القدرة على التحاور ، يستطيع ان يقود ، يمثل . و بالتالى من الطبيعى ان يأخذ مكانه فى الحياة السياسية ، يطيح بمجهوده و فكره العنصر الاقل كفاءة .
و لكن ما هو غير مقبول ، ان يتم الاطاحة ببعض العاملين فى ظل النظام السابق ، استبدالهم بأخرين من ابناء الثورة الاقل كفاءة و كد و عمل و خبرة ، فليس المطلوب ان يتم تعيين شخص فى مركز بناءا على مساندته للثورة منذ يومها الاول ، يكون هذا هو المؤهل الوحيد لذلك ، لاننا لو فعلنا ذلك نصبح حزبا وطنيا جديدا ، يعين اسفل القوم على اعزهم و اكفئهم بناءا على انتماءه للحزب فقط دون الاخذ فى الاعتبار لمتطلبات المنصب ، تتحول الثورة لفكر عنصرى يشطر المجتمع الى نصفين ، منتمى و غير منتمى للثورة .
كما ان لذلك تأثيرا على الثورة ، فلنجاح الثورة نحتاج من يدفع عجلات - و ليس عجلة - التنمية نحو القادم و الافضل ، نحتاج من يحرك الثورة للامام حتى نرد على كل المشككين و كل من يريد الشماتة فى الثورة و البلاد ، نحتاج الاكفء و الاكثر دراية بمهنته و منصبه ، نحتاج الى عيون ساهرة ، عقول نابهة ، فكر متجدد متقبل لكل الاراء ، نحتاج لعقلية متفتحة و قادرة على الابتكار و الاختراع و استحداث الجديد ، فى سبيل ذلك لا يمكن ان نهمل الكفء من اجل من صرخ من اليوم الاول و اعلنها واضحة بحبه للثورة ، على حساب شخص مؤهل للتقدم بالثورة ، لم يعلنها من اليوم الاول ، او كان متشككا فى الثورة ثم انضم لركب الثوار .
لا اقول ان نضم من كان ولاءه الكامل ، نفاقه الكامل للنظام الفاسد السابق ، تلوثت يده بمفاسد النظام السابق ، او تلوث لسانه بنفاق الفاسدين ، او كان يعمل خادما و عينا لامن الدولة على زملاءه ، او من كان من مصلحته فشل الثورة لينعم بفساد النظام السابق . هؤلاء من المؤكد ان لديهم الان اكثر من سبب و رغبة فى افشال الثورة ، لتذهب البلاد للجحيم من وجهة نظرهم فى سبيل مصالحهم الشخصية .
لا ، لا اقول ان نولى هؤلاء و لكن اقصد بكلماتى هذه الا يتم اعتبار كل من لم يعلن تأييده للثورة صريحة منذ اليوم الاول عدو الثورة ، الا يتم اعتبار كل من قال يوما كلمة فى غير محلها فى وقتها عدوا للثورة يجب الاطاحة به ، فلتتذكر ان هناك دائما المؤيد للرسالة ، المؤمن بها ، المحفرز لها ، الفاعل فيها ، من يحملها على كتفه ، من دخل فبها منذ اليوم الاول و شروق شمسها ، من لم يدخل فيها سوى بعد فترة ، منهم من عادها عندا و كيدا فى البداية ثم عاد ليفكر و غلب عقله على هواه او قلبه شرع الانضمام لها ... لكن يبقى الجميع فى النهاية مؤيدين لها و ان اختلفت درجاتهم فى التأييد .
لا تنسى يا صديقى ان هتلر نظر لليهود و الشيوعيين نظرة عنصرية و قتل الكثير منهم ، فانقلب الحال بعد موته الى عنصرية من اليهود و الشيوعيين و اوروبا تجاه كل من يشكك فى المحرقة التى اقامها هتلر او مجرد شكك فى عدد القتلى ، كما انقلب عداء السوفيت للنازية الى استقدام مهووس اخر بالسلطة هو ستالين بعد هتلر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق