الأحد، 3 أبريل 2011

نحن الثورة المضادة

نحن الثورة المضادة


قامت الثورة المصرية ، اوشكت على النجاح ، مررنا فيها عبر مجموعة من الانفاق الضيقة و مجموعة من الابتسامات و لحظات الرجولة و الوطنية التى وصلت بنا الى النشوة و الفخر و العزة و الكرامة لاول مرة منذ فترة طويلة ، لاول مرة فى تاريخنا المعاصر بصورة جماعية ، فالكل ينظر لمن بجواره كأنه انسان كريم يحمل حضارة العالم بداخله ، مولود جديد و لكن ولد لاول مرة منذ بداية التاريخ على ضفاف النيل ، ليبنى و يشيد حضارات متعاقبة و الان يعيد اكتشاف نفسه و موهبته فى بناء اخرى جديدة .


لا يمكننا – و لا اعتقد ان التاريخ سينسى – معركة الجحش و ما شابها من بطولة الثوار ، خسة و ووضاعة الحالمين باستمرار الظلم و القمع و عصور العصر الحجرى التى يحيوها ، لا يعلمون او يكادوا يتصورون ان ابناء مصر سيتركون لهم العصر الحجرى لهم وحدهم و سيرحلوا عنه و يأخذون معهم مصر الى عصر الحضارة ، تاركين امثال هؤلاء الشرذمة فى العصر المظلم .


و مع خطاب التنحى انطلقت فرحة عارمة فى الشوارع ، الكل متبنى الثورة حتى لو كان مخدوعا فى البداية ، لكنه سعيدا بعد ان رأى الحقيقة ، اقتبس من نورها فى قلبه ، ان لم يقتبس فى عقله بعد ، فبعد عدة ايام بدأنا نرى موجة من تصفية الحسابات و التخوين و المطالب الفئوية المشروعة و الغير مشروعة تظهر فجأة ، الكل سارع بالتخصيص فى الالقاب فى صورة الثورة المضادة ، فتلك الحادثة هى من الثورة المضادة و باقى الشعب المصرى و كل من وقف يتفرج برىء منها تماما ، تلك الواقعة من تدبير الثورة المضادة ، لا تمت بصلة ابدا للشعب الطيب الذى لم يشارك فى الحدث ، لا يعلم مثل هؤلاء الفقهاء ان مجرد وقوفنا على الحياد فى موقف ثورة هو اكبر مساندة و تدعيم للثورة المناهضة او المضادة .


الفتنة الدينية التى عاودت الظهور من الطرفين متمثلة فى بعض المتعصبين من الجانبين ، الكل يشاهد و يحدث نفسه انه ليس وقت تلك النقاشات ، لا يجب حدوث مثل ذلك خاصة فى عهد الحريات ، الكل يحدث نفسه و لكن لا يحاول منعها ، الكل يقول انها من تدبير الثورة المضادة لكن لا يسعى لمحاربة الثورة المضادة ، الكل يريد ان يغتنم من الثورة دون ان يشارك فيها ، الكل يريد ان يفوز و لا يريد ان يخسر قليلا قبل ان ينال نصيبه الاكبر من الثورة .


بل و المصيبة اعظم انه احيانا نتيجة الكبت الذى عاناه طويلا ، فهو يحاول ان ينفث عنه الان و يستمتع بحريته بشكل وقح يضر غيره ، فما فائدة ان يخرج علينا بعض التجار باسعار جديدة للسلع ؟؟ و ما تفسير ان يرفع السائقون من اجرة المواصلات للنصف الثمن برغم ان ثمن البنزين لم يختل او يختلف ؟؟ لم الان برغم ان الكل يعلم ان الموظفين لن يرتفع مرتباتهم الان بل ليس قبل يوليو القادم ؟؟ البعض كما نعلم فقد عمله اليومى و بعض الذين يعملون فى مجال السياحة خسروا وظائفهم لتخفيض اعداد العاملين ، بالرغم من ذلك نجد من يرفع الاسعار لمصلحة شخصية .


بكل اسف يساهم فى ذلك بعض الحاكمين العسكريين فى بعض المناطق ، حيث ان كل منهم يعلم انه سيترك مكانه فى خلال شهور قليلة ، فلا يريد التورط مع الجماهير ، لا يريد مظاهرات فئوية جديدة ، لا يريد ان يعترض على مطالب فئة معينة لمجرد الا يتدخل ، كأن المنصب " حاكم عسكرى " هو منصب شرفى ، الا يمكن ان يحادث الناس ان الامور لا تصلح حاليا ، الم يفكر بعض هؤلاء انه لو ترك منصبة بالغد سيترك هما و حملا على المحافظ الذى سيتولى منه المسؤلية ؟؟


الى جانب ان لو البعض وقف يشاهد ، فايضا البعض يشارك فى وسط الجمع ، فباستعراض حادث مباراة الزمالك و الافريقى الاخيرة ، تجد انه لو من تدبير الثورة المضادة ، فاننا لا يمكننا ان نعترف ان الالاف الكثيرة التى غطت ارض الملعب كلها تنتمى للثورة المضادة ، بكل اسف انجرف الجمع وراء مجموعة منحرفة ارادت الوقيعة و الايقاع و التغرير بالشعبين الاشقاء المصرى و التونسى ، الا يوجد عقلاء يستطيعون ان يمنعوا مثل ذلك المشهد ؟؟ الا يوجد شجعان يستطيعون ان ينقضوا على تلك العناصر المثيرة للشغب قبل فعلتها الحمقاء ، يسلموها للمختصين بالتعامل معهم .. للاسف لم يوجد بل انهم اشتركوا معهم فى التخريب و الاعتداء .


الموضوع للاسف اضحى سلوكا عاما ، شعب عانى طويلا من ظلم يعقبه ظلم ، عندما وجدت الثورة لنفسها متسعا فى الهواء ليتنفسها ، قام بسحب هواء الغرفة كله فى صدره ، توقعنا فى البداية ان القهر و الظلم و القمع عندما ينكشف ، سيصبح كالصديد المتقرح عند ازالته ، يجب ان يترك بعض الالام لبعض الوقت ، بكل تأكيد سيكون معه نزيف مؤقت ، لكن كان لابد من استئصاله للحفاظ على البقية و استرداد صحة الجسد ، لكن لم نكن نتوقع ان تكون مناعة الجسم ضعيفة الى مثل تلك الشكل ، هى بالمصادفة ليست مشكلة الشعب ، بل مشكلة النظام السابق الذى ترك الشعب جاهلا ، ثقافته ضحلة ، علمه من قبل ان يأخذ حقة عبر ذراعه و ليس القانون ، فكان نتيجة التسرع و الجهل ، ان الاغلبية فهمت الثورة بمفهوم خاطىء ، فهموها انها فرصة للكل لينال ما يطلب كيفما يشاء ، مما يجعل الثورة فوضى ، بدلا من ان يشعل الثورة ، سيشعل الفتنة و الخلاف و المشادات ، بدلا من ان ينقل مصر لحضارة جديدة ، سينقلها الى همجية و جاهلية ، فانتبهوا و انا معكم .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق