الأحد، 25 أبريل 2010

الاعلانات

الاعلانات



لاشك ان الاعلانات اصبحت تمثل جزء من حياة كل عربى ، فهو سواء اختار و احب ، ام لم يختار و يحب ، اصبحت هذه الصناعة الكبرى جزء فى كيان كل مصرى ، البعض ينجذب للمنتج و البعض لا ، البعض يستمتع بمشاهدة الاعلان و البعض لا ، البعض ينجذب لاعلان و البعض لا ، لكن مؤكد ان الكل يشاهد او يقرأ او يسمع اعلان ما ، فهى تغطى جميع وسائل الاعلام المرئية المسموعة و المقروءة ، ايضا لافتات المحلات و الطرق و الكبارى فى كل مكان .



ستة مليارات ونصف المليار هو حجم الإنفاق الإعلانى فى مصر لعام 2007 وفقا لمركز بحوث التسويق والإعلان التابع لوكالة الأهرام (ماك) ، وذلك غير الإعلان على القنوات الفضائية ، ثلاثة مليارات لإعلانات الصحف ، ومليار ونصف المليار فقط للتليفزيون ، ومثلها لإعلانات الطرق ، و300 مليون للإذاعة ، و300 مليون للمجلات ، فحجم هذه الصناعة فى حالة تضخم مستمرة منذ بداية الثمانينيات .




يقول احد اصحاب وكالات الاعلان فى مصر: إن أصغر حملة إعلانية يجب ألا تتكلف أقل من ثلاثة ملايين جنيه !!!



هذه اصغر حملة اعلانية ؟ و هذا هو الحد الادنى للتسويق ؟



و بالفعل نرى فى خلال اخر 3 سنوات فقط ان احدى شركات المحمول تكلفت حملتها 160 مليون جنيه كفتح شهية فقط ثم عادت و صرفت اكثر من هذا اضعافا مضاعفة فى السنتين التاليتين ، تكلفت حملة الضرائب 68 مليون جنيه فى السنة الأولى فقط للتتضاعف فيما بعد لتصل الى اكثر من 230 مليون جنيه ، تصرف تلك الاعلانات الكثير و الكثير للعرض على شاشة التلفزيون و القنوات الفضائية ، مبالغ تصل الى حد 5200 جنيه لاعلان مدته نصف الدقيقة فقط .




كل هذه المبالغ تصرف لجذب حضرتك و حضرتى على شراء المنتج سواء بشكل مباشر او غير مباشر ، لو نظرت لحجم المبالغ و حجم تلك المؤسسات لادركت تماما انهم يربحون اكثر من هذا بكثير ( الرقم متروك لحضرتك لتقديره ) । و لكن ما يلفت النظر و يدعو للانتباه و التعجب فى نفس الوقت هو لم تكلف الضرائب مثل هذا المبلغ الكبير لحملة اعلانية ؟ و لم حملة اعلانية ضخمة اصلا للضرائب ؟ هل هناك شبه توكيد ان المصريين لن يسددوا ضرائبهم لذلك يغروهم بتلك الاعلانات ليشجعوهم على تسديدها ؟ لو كان ذلك السبب فلم لا تذاع تلك الاعلانات فى شهر مارس فقط و هى فترة كافية جدا – شهر بالتمام و الكمال قبل اخر موعد لتقديم الاقرار – لتدشين تلك الحملة على مسامع و عيون الناس ؟ لو وفرت وزارة المالية تلك المبالغ و احتفظت بها ما احتاجت ان تفرض ضرائب جديدة او لزمها موارد هيئة التأمينات و المعاشات .




ثم يطل علينا موضوع اخر ، هى فكرة الاعلان نفسه ، فنجد ان معظمهم افكاره سطحية و تافهه و الاغلب منقول عن فكرة اجنبية ، فمبدعو الإعلانات او أصحاب فكرة الإعلان هم أغلى عنصر فى عناصر صناعة الإعلان، أقل أجر يتقاضاه مبدع إعلانى فى أصغر وكالة هو خمسة عشر ألف جنيه شهريا، ويصل إلى مائة وعشرين ألف جنيه فى الوكالات الكبيرة. إلا أنه ورغم ارتفاع أجرهم لايزال بعضهم يستسهل نقل أفكار عن إعلانات أجنبية.. او يسرف فى الاستخفاف و التفاهة بعقول المشاهد ، البعض الاخر يتسول فى الاعلان الذى يقدمه ، فما الفكرة من تقديم امرأة شبه عارية بجوار اعلان كريم شعر للرجال ؟ او مغازلة من امرأة كهؤلاء لرجل يعمل مراسل اخبار على وسامته و انه يستعمل ماكينة حلاقة معينة ؟ او ارتمائها فى حضن رجل يستخدم مزيل عرق كذا ؟




ان هذه الشركات تتسول الاعلان ، و لا تكتفى بهذا فقط بل اسمع معى كلمات احد صانعى تلك الحملات على زين، مبدع إعلانات احد شركات المياه الغازية و الذى كان متخوفا من ألا نحصل على الكأس، وبناء على ذلك كان يريد هو ومجموعته أن يصنعوا إعلانات خفيفة تتسم بخفة الدم والسخرية من بعض الأشياء، إلا أنه وكما يقول زين، العميل أصر أن تأخذ الإعلانات الطابع الوطنى، مما اضطر على زين ومجموعته أن يغيروا فكرة الحملة ووضعوا عبارتين لتنزل إحداهما حسب نتيجة المباريات، فإذا لم يكن المنتخب قد فاز بالكأس كانوا سيكتبون بدلا من ( كلنا كنا وراهم ومن الأول شجعناهم ) عبارة ( من البداية كنا معاكو وهنفضل وراكو ) .




انظر لكم الاستخفاف بوطنية شعب بأكمله ؟ لو فزنا فكذا ، لو – لا قدر الله – هزمنا فكذا .... اى استخفاف و تفاهة هذه ؟



ثم اهلا و سهلا باعلان الضرائب الذى سبب الغباء التام للمصريين ، خاصة اثناء رمضان ، ليخرج لك ممثل مغمور و فرقة مغمورة و عود – تقريبا مستأجر تخليص حق – ليقول لك جملة واحدة بعد انتهاء الاعلان كافية بأصابتك بالعقم فور سماعها : يا عبد القوىىىىىىىىىىى . هل من المفترض ان يصيبك التلفزيون بالغم و الرتابة فى اثناء الشهر المبارك ؟ هل نحن مطالبون بفقد صيامنا لسب كل من شارك فى صناعة هذا الاعلان الرتيب الممل ؟ - لاحظ انه كان يعرض دائما بعد الافطار و ليس قبله –



و لكن حتى الممثلين فى هذة الاعلانات كموديل لو بطل هو مستفيد كاصحاب الحملة و الشركة المسوقة .... فهم الى جانب تدرج مرتباتهم من مئات الى الاف الجنيهات ، الا ان كل منهم يحلم ان يصبح نجما سنمائيا اعتمادا على ما يقدمه من ابتذال فى تلك الاعلانات فممثلات و مقدمات برامج تلفزيونية كثيرون بدأوا كهؤلاء . أما النجوم فتبدأ أجورهم من مليون جنيه، فأحمد حلمى ومنى زكى تقاضيا خمسة ملايين جنيه عن أداء إعلان السيارة। إلا أن المشكلة الأساسية التى تواجه الفنان هى كما يقول الفنان شريف منير أن الإعلان إذا طالت فترة تكراره سوف يتسبب فى حرق الفنان وأكد أنه لم يقبل الإعلان الذى أداه إلا بعدما تأكد من أن مداه الزمنى ستة أشهر فقط ( ههههههههههااااااااى) .




فقط الخاسر الوحيد هو ذلك المشاهد الذى يتابع الاعلان وراء الاعلان يمر سريعا كطلق الرصاص ، فيعجب بهذا و يكره هذا ، و لا شعوريا يشترى تلك المنتجات فيفاجأ بصفعة مدوية انه لا يجد بها اى ميزة من المذكورة فى الاعلان ، و ان الموضوع بأكمله كان ( كلام اعلانات ) ، قال لى والدى مرة ان افضل منتج تريد شراءه هو ذلك المنتج الذى يباع دون اعلان ، فور علمك انه قد انتج له اعلان توقف عن شراءه لانهم بدأوا يغشوا فيه .



البيانات فى المقال نقلا عن روز اليوسف

الخميس، 22 أبريل 2010

هل الانسان مخير ام مسير ؟

هل الانسان مخير ام مسير ؟




هذا السؤال دائما ما يطرح علينا يوميا ، دائما ما نسمعه فى حياتنا ، دائما ما نفكر فيه ، دائما ما نرى غيرنا ايضا يفكر فيه ، حتى الفلاسفة و المفكرين لم يهنأوا من التفكير فيه ، حتى صار السؤال جملة كأن لا حل لها مثل البيضة كانت اولا ام الدجاجة ؟




و لا اعرف لماذا حتى الان الانسان فى حيرة من امره ، هل هو مخير يختار ما يفعل و كما يشاء ان يفعل ، دون اوامر من احد يعلوه ، او رب يذكره دائما ان عليه فعل كذا و كذا ، ام هو مسير وفقا لرغبة الله تعالى و حسب ما نصه الله فى اللوح المحفوظ ، حسب ما يعلمه الله مسبقا فهو عالم الغيب و الشهادة و منها المستقبل و ما سيفعله الانسان لاحقا .




فى الحقيقة رغم كل ذلك فالانسان مخير ... تماما كما هو لديه حرية التفكير و حرية الاختيار و حرية الابداع و حرية الكلام و حرية القول و حرية الفعل . هو من يختار كل ذلك و الله تعالى – عز و جل - قد قام بتنبيهه فقط لا توجيهه الى حيث هو يفترض او يقدر له ان يكون ، فالله تعالى يريد ان يريح الانسان و يوفر عليه مشقة البحث و التفكير فى بعض الامور التى سيرهق نفسه فيها و لن يؤديها على خير ما يرام كالعبادة مثلا فيعلمنا كيف نعبده ، و ايضا فى امور تخضع للشهوات و اللذات التى قد تغلب صوت الضمير و العقل احيانا ، مثل الانتهاء عن شرب الخمر و الزنا و الفاحشة و المنكرات و جمع المال الحرام . فكلها افعال قد تغطى فيها النفس و الشهوة على صوت العقل و البيان .




و خير دليل على ذلك هو ان النسان ما زال بعد كل هذا لا يطيع هذه الامور ، فنرى السكارى امام كل حانة ، و نرى الزنا حتى على شاشات التلفاز و السينما بأسم الابداع ، نرى جمع المال الحرام فى المفسدين الذين يقدمون للعدالة يوميا و رغم هذا يتزايد عددهم ، نرى الغافلين عن الطاعة و عن الله اصلا فى كل مثال من هؤلاء ، ان ازدادت نظرتك للخارج قد ترى ايضا من لا يريد ان يعترف بالله اصلا – و العياذ بالله - .




هل كل هؤلاء هم مثالا للمسير ام للمخير ؟


طبعا المخير الذى اختار ان يضل نفسه بنفسه ، فالله رغم انه يعلم مسبقا انه سوف يخطىء الا انه يتركه و لا يحاسبه مسبقا على شىء لم يفعله بعد ، بل و يترك له الفرصة و المجال بعدها لعله يتوب و يكفر عن سيئاته و يطلب من الله العفو و المغفرة قبل ان يلاقى الله للحساب . فالله فقط يعطيه الفرصة و حرية الاختيار و الانسان نفسه يختار لنفسه مصيره بعدها .




لازلت لم تقتنع بعد ؟!!!


دعنا نضرب مثلا بسيط جدا و هو اول ما فعله اول انسان على وجه الخليقة ، اول قصة نعرفها عن اى انسان جاء للوجود و الحياة التى نحن عليها . انه سيدنا ادم – عليه السلام – ابو البشر جميعا ، اول ما فعله هو انه تعهد ان لا يطعم الشجرة هو و زوجته حواء ، رغم تنبيه الله و تحذيره - لا اجبار - الا انه تناول منها . هل سألت نفسك سؤال هنا ؟ لماذا و الله مطلع على كل شىء لم يخبر ادم بعد ان اقتطف من الشجرة الا يطعمها كما حذره مسبقا ؟ لماذا تركه حتى تناولها و اصبح اثما ؟ و ما العبرة من تناولها من عدمه فى القصة ؟



الموضوع ببساطة ان الله ترك لادم حرية الاختيار و حرية التصرف ، فالله ينبه الانسان لما ينبغى له ان يفعل و لكنه لا يجبره فهو له مطلق الحرية و الاختيار كى لا يصبح مسيرا فى هذه الحياة ، هو يختار بنفسه حتى الخطأ الذى يعرف انه خطأ ، و لا احد يسيره عليه .



ثم ان هدف القصة بسيط جدا ، الامر ليس تناول الثمرة او الهبوط من الجنة للارض ، اطلاقا ... الامر تجربة واقعية و حقيقية و فى بدأ الحياة للانسان ليتعلم انه رغم انه وعد الله ان يفعل كذا و كذا و كذا ، ينتهى عن كذا و كذا و كذا ... الا انه يختار و بنفسه و دون تدخل من الله سبحانه و تعالى ان يفعل ما يريد و حتى لو كان خطأ ، فأدم تناول من الشجرة بأختياره و ليس تسييرا من احد ، كذلك يفعل ابناء ادم الى الساعة ، فهم يختارون كل ما يريدون رغم تنبيهات الله – عز وجل – و رغم ارشاداته مع كل رسالة نبوية .



اذا لم يصر هؤلاء على ان يحيروا انفسهم و يحيرونا فى هذا السؤال ؟


الموضوع ان هؤلاء اصلا لا يريدون لانفسهم ان يصبحوا تحت سلطة احد ، لا يريدون احد ان يأمرهم بشىء ، او ينهاهم عن شىء ، هم يريدون ان يعيشوا حياتهم – و لو طالوا اخرتهم – دون ان يأخذوا اوامر من احد ، يريدون لانفسهم ان يكونوا اسيادا للكون و حكاما لكل مخلوق ، يريدون ان لا يواجهوا الله و يحاسبون ، يريدون ان لا يلقوا حساب الاخرة ، يريدون ان يحكموا العالم و لا يحكمهم احد ، ذلك هو الغرور لا سؤال العقل و الالغريزة الى المعرفة و لا مؤكد اى نوع من التفكير المنطقى السليم । نفس ما قالته الاية منذ نزول القرأن على سيد الخلق اجمعين :



(ذلك بأن الله مولى الذين ءامنوا و ان الكافرين لا مولى لهم *11*) سورة محمد

السبت، 17 أبريل 2010

منتهى الادب


منتهى الادب




كلنا نحب مشاهدة السينما او التلفزيون او قراءة الجرائد ، كلنا يجوب الطرقات شرقا و غربا بحثا عن قضاء المصالح اليومية ، كلنا نجلس بجوار النوافذ فى الحر الصيفى مستمتعين بنسيم بارد يأتى من بعيد ، كلنا يجد متعة فى مشاهدة مباراة كرة قدم ينفض فيها هموم يومه و يمتع نفسه بلمسة ساحرة او تمريرة مخادعة او تسديدة صائبة او صدة مستحيلة .

و لكن و للاسف ما يفسد علينا متعتنا احيانا هو السلوك السىء فى بعض او معظم – بمعنى ستجده اينما تكون – هذه المواقف .... تجد مشاهد تخجل منها فى فيلم سينمائى ، يزداد خجلك لو كان معروضا فى المنزل ، فما بالك لو اسرتك حولك تشاهد معك المشهد !!! ... تجد الفاظ خارجة و نقد لاذع خارج عن الادب و السلوك و معايير الصحافة فى احد الجرائد و سباب و قذف و خروج عن النص فى محله او غير محله داخل عمود يومى او مقال اسبوعى او جريدة بأكملها تنمو على هذه الفواجع .

تسمع اشخاص فى الشارع يسبون بعضهم و معهم انفسهم بأفظع الشتائم ، و يزداد الصوت اكثر مع سب الوالدين و الحاق اللعنات عليهم و هم غائبون . و قد يكون حظك اكثر سوءا لو كنت مارا او سائرا فى الطريق او كنت فى مكان عام يصادف وجود هذه الشخصيات فيه ، او كنت جالسا بجوارهم و بدون قصد مضطرا لسماع تلك العبارات او يكون اكثر سوءا و انت تجد مجموعة من التشويحات و الحركات الفظة و تطاول الايدى بينهم .

تريد ان تشاهد مباراة كرة قدم نظيفة ، فتجد مفاجأت من العيار الثقيل فى انتظارك ، ليس لان فريقك يخسر من فريق مهزوز مثلا ، لا و لكن موجة سباب عام من الجماهير تجاه شخص او ادارى او مدرب او لاعب او حكما ، قد يصل الوضع لاكثر من هذا فيتفنن الجمهور فى الخطأ و يزين السوء و يقدم تلك الالفاظ مصحوبة بلحن جماهيرى او مقفاة على شكل بيت شعر او مصحوبة بتعبيرات تزيدها سوءا . هذا الى جانب مشاكل من احد الاداريين او افتعال مشاكل مع احد المدربين او الحكام ، او تفرغ للرد على الجمهور ، او التعبير بحركات يندى لها الجبين .

طبعا الكل يبرر خطأه ، لان كل انسان اصبح فيلسوفا يبنى فلسفته على معتقدات و ايمان خاطىء و يبهرك بمعنى و تبرير لما يفعله ، قد تصطدم فى راسك و تصدق ما يقول او يصيبك الهبل بالاعجاب بما يشرحه من وجهه نظره الخاطئة . فمخرج تلك الافلام يقول انه يقدم الاغراء فى سياق الدراما و لا اعرف من اين يأتون بتلك الجملة الحمقاء ... هل من الممكن ان يقدم مثلا الاغراء فى غير سياق الفيلم ؟!! هل سيقدم افلام خليعة فى محتوى الفيلم مثلا و يقول هذا الجزء لن يمثل شىء على دراما الفيلم و من فاته لن يضره شىء ولن يفقد شىء من سياق الفيلم ؟ كل ما يقدم فى تلك الافلام ينطبق عليه ذلك و لكنه يخشى ان يعلنها و يعلن انه يقدم فن رخيص بقصد التربح و الشهرة ... و لكن يبدو انه لا يعلم ان مخرج تلك الافلام هو مخرج عن الاخلاق و الادب و الفضيلة و سيظل يذكر بين الناس بأنه مخرج الافلام اياها و ليس مخرج عظيم .

الناقد المسف بقلمه قد لا يعلم - او يعلم و يقصد ما يفعله رغم ذلك لنفس الاسباب السابقة – ان الكتابات التى يكتبها قد تشكل وعى فئة من الناس ، و حتى لو كان بعض الناس يحبون اسلوبه و يبحثون عن الفضائح و يعتبرونه ممن يقول الحقيقة فى وجه صاحبها , هم و بلا شك غير ناضجى الفكر و الادب الكتابى . و كلنا يمر بتلك الفترة حتى ينضج و يستطيع ان يميز الاقلام الشريفة و الاقلام المسفة التى تسىء لقارئها قبل صاحبها ، و لكن هذا يحتاج لوقت احيانا طويل ، خبرة و ثقافة و تعلم حتى تتشكل قدرة على التمييز بين الكتابات الرخيصة و الهامة بحق ، و قد يظل البعض كما هو بدافع قلة الثقافة و قلة الوعى و قلة التنوع .

الاشخاص فى الشارع او مباريات كرة القدم و بكل اسف هم صورة و انعكاس لما تفرز الاسرة اولا ثم المجتمع ثانيا ، فمعرفة اصدقاء السوء و غياب الرقابة الاسرية ، التعصب الاحمق تجاه فريق معين و كانه دولة داخل الدولة ، التطاول على الناس بالقول او بالفعل هى انعكاس للحالة النفسية و العصبية و انحدار الاخلاق و فقر الدين لدى هؤلاء الاشخاص .

لعلماء النفس و الاجتماع نظريات حول ذلك ، فهم يربطون ذلك بالنشأة الاولى و تكوين الاسرة و علاقة الوالدين ببعضهما و بالابناء ، بعضهم يربط ذلك بخلل طفولى فى شكل متلازمات وراثية ، البعض الاخر ارجع ذلك الى خلل فى كيمياء المخ و اضطراب فى المواد الناقلة كيميائيا داخل المخ ، و اخرون - كأمثال فرويد مثلا - تصوروا انه انتصار للنفس الحيوانية التى تقبع داخل كل انسان على نفسه المتحضرة الراقية . و هناك نظريات اخرى كثيرة اتجهت لمحاولة تفسير ذلك .. غير ان الدين مثلا نصور ان كل ذلك يمكن احتواءه فى شخص و نفسية الانسان ، مدى معتقداته و ايمانه ، فنرى امثلة مثلا لاشخاص كانوا افظع من ذلك قبل اسلامهم و تحولوا بعد الاسلام الى شخصيات من اعظم شخصيات العالم و التاريخ .


فكيف يؤتى ذلك ؟


يؤتى بالدعوة الحسنة و الصبر عليهم و محاولة التقرب لله عن طريق الاحسان و التقوى و هو من اهم العوامل التى تعمل على حسن معاملة الناس كسبا فى رضا الله عز وجل , و لن تجد اكثر من ذلك ادلة فى القرأن و السنة ( ادعو الى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة ) ، ( لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) .

هذا الى جانب الاهتمام بالنشأ و تربيتهم على الاخلاق الحميدة و السلوك القويم ، متابعة ما يقرأون ، ما يشاهدون ، اعطاء النصح و الخبرة لهم من صغرهم ، تسخير خبرة الكبار لخدمة و اختيار الانسب للاطفال ، فلا مانع من اعطائهم بعد ذلك مساحة للفكر و الحرية لاختيار ما يناسبهم و يفضلوه ، يشكل تفكيرهم الخاص المميز لهم و هو مؤكد ما سيختلف عن فكر اى شخص اخر .