العامة
هل مر عليك فى مرة موقف ان سألك احد الاطفال
ماذا تعنى الديمقراطية ؟؟
كلنا ربما تعرضنا لهذا الموقف وانا هنا اقول
طفل ولا اريد ان اتحدث هنا عن من يكفرون الديمقراطية او من يعتقدون انها بدعة
غربية لا اصل لها فى ثقافتنا وطبعا هذا غير صحيح لكن له مقام اخر وكثيرون سبق ان
ردوا على ذلك .
لكن فى هذا الموضوع سأركز على فكرة بعينها
فلن نطيل شرحا فى تلك النقطة ..
عندما يسألك احد الاطفال تحاول ان ترد عليه
بأسلوب سهل يمكنه ان يفهمه فغالبا تقول له اجابة قريبة من " الديمقراطية هى
حكم الشعب لنفسه " فيعود ويسالك عن كيفية ذلك ، فتعود لتقول ان اى ان الناس
هى التى تختار الطريقة التى تريد ان تعيش بها وعلى الحاكم ان يستجيب لذلك ، هى
بذلك تناقض الديكتاتورية التى يضع فيها الحاكم سياسة ادارة البلاد دون اخذ رأى
الشعب فيها ، بل ويجبرهم على يطبقوا سياسته على انفسهم وان لم يرتضوها .
من هنا يتضح ان الديمقراطية تخضع لرأى العامة
.. وثقافة العامة .. وهوى العامة .. ومدى تعليم العامة .
العامة فى عرف الديمقراطية هى التى تحدد
وتحتار السياسة العامة ، اما تطبيقها فهو مسئولية السلطة التنفيذية و التشريعية فى
البلاد ، فالسلطة التشريعية هى التى تسن القوانين التى تحقق غرض العامة ، السلطة
التنفيذية هى التى تنفذ وتطبق تلك القوانين وتحاول جاهدة لتبحث عن طرق تنفيذها .
فمثلا العامة تريد العدالة ، وهو مطلب واسع
وغير محدد ، غير مرتبط بألية او طريقة تطبيق ، فعلى السلطة التشريعية ان تسن
القوانين التى تضمن تحقيق عدالة اجتماعية بين المواطنين فى اعمالهم وفى اجورهم وفى
مواصلاتهم العامة وفى طوابير الخبز و فى فواتير الكهرباء والماء والغاز .
وعلى السلطة التنفيذية ان تجد طريقة لتطبيق
تلك القوانين بما يحقق العدالة ، عليها ان تجد طريقة توفر بها اجوز عادلة ومتوازنة
بين العاملين ، عليها ان تضع تسعيرة معينة لما يستهلكه المواطنون من غاز وماء
وكهرباء بما يضمن ان يعيش كل فرد حياة كريمة لا تختلف فى جوهرها وقالبها عن ى فرد
اخر وان اختلفت المظاهر بين البعض وبين الفقير و الغنى ، لكن لا يحرم الفقير وينعم
الغنى .
اذا العامة هنا تختار الغاية و الهدف الاسمى
بينما تقوم الحكومة بوضع الطريقة لتخقيق الغاية او الهدف على ارض الواقع .
لكن من وجهة نظرى ليس شرطا ان تسلم الحكومة
نفسها تماما وكلية للعامة خصوصا فى موضوع الاليات ، فبالطبع الاليات تخضع للخبرة و
التعليم والثقافة و الكفاءة فى تلك المجال – وان كان لابد ان تسلم نفسها بل
وارادتها تماما لهم فى الغاية و المطالب العامة – وليس فى ذلك اى تعارض .
فمثلا العامة تتأثر بالقيل و القال والاشاعات
ولا يندرج تحت مخيلتها الدراسات و الابحاث و ربما احيانا طرق التفكير العلمى ،
فنجد ان العامة تبحث دائما عن بطل يمثلها لانها احيانا تمل من التفكير وتريد
الاعتماد على من يفكر لها ويطرح اسلوبه ، هذا يكون نعمة على الحكومة لو كان هذا البطل
فردا من الحكومة ، لكن الفكرة نفسها ان العامة لا يشغلها – لضيق الوقت او قلة
المعلومات او ضعف الخبرة فى ذلك المجال – الطرق السليمة لتحقيق الغرض بقدر ما
يشغلها تحقيق الغرض ولو ادى لكارثة .
العامة ايضا دائما ما تبحث عن العدالة حتى لو
كانت مخالفة للحق ، فالعدالة من وجهة نظر الناس هى الاعدام لكل من سمعوا انه قاتل
وحتى لو لم يكن هناك ما يدينه ، لكن يجب تنفيذ الاعدام فى حق من سرت عليه اشاعة
تفيد انه القاتل حتى ولو لم يكن هناك قتيل ، ولو استمعت الحكومة لهذا واستجابت
لضاع الحق والعدالة واصبحت على هوى الناس نقتل من نكرهه ونعفوا عن من نحب .
نجد ايضا ان العامة لا تقرأ وتستسهل الحصول
على المعلومات كما ذكرت ، فالعامة غالبا فى بعض المجتمعات لا تقرأ كتابا بل وتتركز
غالبية قراءاتها على عناوين الاخبار ان وجدوا ثمن الجرائد ، فتجد ان محتوى ما
يقراه معظم هؤلاء يصل الى خمس دقائق شهريا على اقصى تقدير ، بل تعتمد ايضا على
السمع فيما تعرف ولا تتحقق .
ربما
يكون هذا جيدا لو افترضنا انهم يستمعون الى برنامج وثائقى او تعليمى او ندوة على
شاشة التلفاز يقوم بها المتخصصون ، لكن احيانا هم يسلمون عقولهم الى انصاف عقلاء
على شاشة التلفزيون وانصاف متعلمين على صفحات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعى ،
والى اصحاب الاغراض الشخصية و من يعرفه الجهل معرفه الاب بأبنه ، فيكون النتيجة
تكوين الفكرة الخاطئة على اساس معلومة خاطئة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق