الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

ضمير طبيب مصرى


ضمير طبيب مصرى


افكر كطبيب فى معضلة قد اواجهها يوما ما ، متأكد ان الكثير من الاطباء قد لاقوها من قبل ، متأكد ايضا ان الكثيرين سيواجهوها فى المستقبل ، ليس الاطباء فقط بل و كل من يعمل فى المجال الطبى فى مصر ، الموضوع يأخذ حيز من الاهتمام خصوصا مع تطور الاحداث فى منظومة الصحة فى مصر .

افكر فى ماذا يحدث لو كنت فى يوما ما متوجها لمكان فى احدى المواصلات على احدى الطرق المزدحمة و المتخمة بمشاكل المرور فى مصر ، حدث ان واجهت موقف وجود حادث !!

موقف كهذا قد يتكرر يوميا تقريبا بسبب سوء اوضاع المرور فى مصر من ناحية و الاهمال  و الاستعجال الذى يصيب السائقين فى مصر سواء سائقى نقل او ميكروباص او حتى سيارة خاصة .

ولكن ليس هذا ما يشغلنى ، فالمرور له رجاله الذين يقدرون ان يصلحوه و يتعاملوا مع مشكلة المرور و الحوادث فى مصر ، لكن ما يشغلنى هو هل اقدم المساعدة الطبية برغم ان لا شىء معك فى تلك اللحظة قد يفيد المصابين !!

سؤال تعرض له الكثيرين منا و يظل موضع تساؤل عندى ، ماذا لو مررت بجوار حادث وقررت المساعدة فاعلنت عن وظيفتى و شخصى ثم انطلقت مندفعا محاولا مساعدة المصابين ..

لو افترضنا جدلا انى قد اكون لدى على الطريق السريع الذى امر عليه سماعة و جهاز ضغط ، فهل سيسمح اهل المرضى للطبيب ان يتأكد من النبض و ضغط الدم لتقييم دخول الحالة فى صدمة او ما يعرف طبيا بـ " Shock " .

اغلب المرضى فى مصر لا يدرون و لا يقدرون معنى ان تقيم النبض و الضغط فى اى حالة مرضية ، بالتالى يصابون بالذهول و يبدأون الشجار مع الطبيب عندما يبدأ عمله بهؤلاء معتبرين ان يقوم بذلك مضيعة للوقت عوضا عن ان يضع اصابعه السحرية التى ينساب منها السحر لاحياء الميت !! 

مجرد البدأ بالشجار يفقد الطبيب تركيزه و قد يصيبه بالعجز عن تذكر ما الخطوة التالية الى جانب ان الوقت الضائع فى المشاجرة نفسه كان اولى بهم المريض .

ثم يأتى الدور الثانى فى العلاج و هو تعويض الحالة عما فقدت من دماء او على الاقل تثبيت او تقليل هذا الفقد الى اقصى حد ممكن ، فهل سيكون لديك " كانيولا " او يتوفر لك جهاز محلول او كيس محلول ؟؟ 

لا اعتقد شخصيا انك سيكون لك فرصة ان تجد تلك الادوات على طريق سريع ، بالتالى سيصعب اى تعويض و سيزداد الامر سوءا بالنسبة لمن يحاوطون بالمصاب فى التعامل لأنك لا تفعل ما هو ليس فى مقدورك اصلا ان تفعله !!

هذا الى جانب انى لم اذكر انه لو اصاب المريض اى ضيق تنفس و احتاج لادوات مساعدة التنفس و الاكسجين الذى من المؤكد لن تجده فى ذلك المكان ، ايضا اى امكانات مساعدة لتطهير او تضميد جروح المصابين !! 

كل هذا يجعل من الطبيب غير قادر على عمل ابسط و اقل الامور التى ينبغى ان يفعلها ليدرك الامر و يساعد اى مريض ينبغى له ان يساعده عبر تقديم الخدمة الطبية الكاملة له كما هو موجود فى اى مكان محترم بالعالم .

ماذا لو قلت لك الان ان معظم هذه الاشياء احيانا لا تتوفر لمرضى كثر فى مراكز صحية و مستشفيات ؟؟!!

نعم هو ما سمعت .. احيانا مستشفيات يفترض انها تكون مستشفيات عبر توفير هذا الاشياء و اكثر منها ، تفتقر الى ترمومتر قياس درجة الحرارة ، سرائر كافية فى العناية او الحضانات و تفتقر الى ابسط المواد الاولية للعلاج من تجبير و خيوط جراحة و علاج !!

كل هذا و المريض يظن ان وزارة الصحة المبجلة فى مصر توفر كل هذا و اكثر و ان الطبيب المصرى "بيستهبل " مثلا و يستخسر فيه العلاج او يرفض مساعدته او يستكبر عليه برفض علاجه حتى يرتاح !!

للاسف هذا هو حال الصحة فى مصر فى عهد وزير للصحة يحمل مشاكل الصحة فى المستشفيات الى عدم وجود اطباء او اخطاء الاطباء دون النظر الى ما يقدمه سيادته الى المستشفيات من رعاية و مواد علاجية ، التى هى مسئولية الوزير الوحيدة تقريبا فى منصبه .

ان لم يستطيع الوزير ان يوفر الامن للمستشفيات حتى يمكن للاطباء من مساعدة المرضى و المصابين فى هدوء و سرعة بدون مزاحمات  و مشاجرات و اهانة ، توفير المواد الطبية اللازمة لتقديم افضل خدمة طبية فعليه ان يستقيل و يجلس فى منزله عوضا عن تلقى اموالا من الدولة بدون عمل و هو بالمناسبة حرام طبعا يا رئيس الوزراء و رئيس الجمهورية اللذان تخافان الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق