بسم الله الرحمن الرحيم : الاجابة هى غينيا و ليس تونس !!
فى العاشر من يناير لعام 2007 دعت المنظمات العمالية و احزاب المعارضة فى غينيا الى اضراب عام فى البلاد احتجاجا على انتشار الفساد فى البلاد ، عدم محاكمة المفسدين بل و الافراج عن رموز الفساد بعد ان حكم عليهم بالسجن .. شخصيات مثل مامادو سيلا وسوماه فودي خرجت من السجن بعد ان ادينت لتعيد تكرار سيناريو الفساد و المحسوبية مرة اخرى .
فى العاشر من يناير لعام 2007 دعت المنظمات العمالية و احزاب المعارضة فى غينيا الى اضراب عام فى البلاد احتجاجا على انتشار الفساد فى البلاد ، عدم محاكمة المفسدين بل و الافراج عن رموز الفساد بعد ان حكم عليهم بالسجن .. شخصيات مثل مامادو سيلا وسوماه فودي خرجت من السجن بعد ان ادينت لتعيد تكرار سيناريو الفساد و المحسوبية مرة اخرى .
لاقى الاضراب و فكرة الاعتراض نجاحا كبيرا و تضامنت معه قوى كثيرة و فئات شعبية كثيفة فى غينيا ، طالبوا فيها الرئيس الغينى بالاستقالة ، امرت الشرطة فى يوم 17 يناير بتفريق حشود المواطنين المتظاهرين المتجاوزين 5000 شخص باستخدام الغاز المسيل للدموع و القوة ، في 17 يناير ، تم الإبلاغ عن وفاة اثنين من المتظاهرين اثر اصابات بأعيرة نارية في كوناكري ، وحالة اخرى تم الابلاغ عنها في ابي ، فيما لا يقل عن عشرة متظاهرين اخرين قتلوا فى 21 يناير .
الاحتجاج الاكبر خرج فى الشوارع يوم 22 يناير ، خلال معارك دارت بين المعتصمين و الشرطة قتل 11 عامل ، تم اغلاق جسر الثامن من نوفمبر على مسيرة تضم 30 الف متظاهر يقودهم الجمعية الوطنية الغينية ، تم فتح النار عليهم من قبل الشرطة ،فى يوم 23 فبراير تم تدشين حملة اعتقالات لرموز النقابات ، تلقوا تهديدات بالقتل ، تم مصادرة اوراقهم ، ثم اطلاق سراحهم فى اليوم التالى .
لاقى الاضراب و المظاهرات نجاحا ساحقا مما ادى الى اجتماع الرئيس الغينى لاسانا كونتى بقوى النقابات ، اتفقا ان يتم فض الاضراب في 27 يناير باتفاق بين كونتي والنقابات مقابل أن يعين كونتي رئيسا جديدا للوزراء.
قام كونتى بتعيين "صديقه الصدوق" يوجين كامارا رئيسا للوزراء و هو ما اعتبرته المعارضة و النقابات غير مقبول ، استأنف الاضراب يوم 12 فبراير. وفرض الأحكام العرفية في نفس اليوم ، و اعلن حظر التجول باستثناء ساعات معينة من اليوم و قيل انها حالة مؤقتة لمدة عشرة ايام .
جدير بالذكر ان خلال تلك الفترة تم تعطيل خدمة الانترنت ، فصل الخدمة عن الاربع شركات التى تقدم الخدمة للغينين ، كما تم قطع الارسال عن كافة الوسائل الاعلامية و الاكتفاء بقناة تلفزيونية وحيدة تكتفى باذاعة بيانات الجيش و الحكومة .
طالب كونتى الشعب باعطاء الفرصة لكامارا للعمل كرئيس للوزراء لفترة ثلاثة شهور كفترة انتقالية للوقوف على مدى كفاءته ، هو ما رفضته قوى المعارضة و الاتحادات ، رفض مجلس الشعب تجديد طلب الرئيس بتمديد فترة اعمال الاحكام العرفية ، رفض الشعب العودة للعمل و فض الاضراب ، رفضوا كامارا تماما .
بعد ما يقرب من اسبوعين على تعيين صديقه ، وافق كونتي على اختيار رئيس وزراء مقبول لدى النقابات و ذلك فى يوم 26 فبراير ، اختار احد المرشحين الذى تم عرضهم بواسطة النقابات و ممثلى المجتمع المدنى و هو لاسانا كوياتى .. انتهى الاضراب فى يوم 27 فبراير بحصيلة 110 ضحية من الشعب الغينى ، وحذر الناطق باسم المعارضة مامادو با أنه سيكون من الضروري مواصلة الضغط على كونتي لضمان أنه يسمح لكوياتي بالقيام بعمله . ادى كوياتى اليمين يوم 1 مارس ( الا يذكرك هذا بشىء الى اللحظة ؟؟ ) .
فهل نجح كوياتى فى عمله ؟؟
الملاحظ ان كوياتى فشل فشلا ذريعا ، زادت معدلات الفقر و البطالة ، زادت معدلات عمالة الاطفال ، الجرائم فى تزايد ، النساء تلجأ للدعارة من اجل كسب الرزق فى ظروف شديدة البؤس ، رغم ان كوياتى رجل مختار من الشارع و قوى المعارضة .
القوانين و التشريعات تخرج بواسطة الاسرة الحاكمة متمثلة فى اسرة الرئيس ، لا تعجب احدا ، يتم تغييرها سريعا دليل تخبط ، ان القرار يتخذ بواسطة اكثر من صانع قرار .
الانتخابات يجرى تأجيلها مرارا و تكرارا ، برغم وعود باشراف دولى على الانتخابات ، دائما العذر هو عدم الاستعداد ، رغم ان المعارضة تنتظر ان تقام الانتخابات و ينجح من يختاره الصندوق عبر انتخابات نزيهة ، تتمدد الفترة الانتقالية ، يزداد التخبط ، معدلات الفقر ، مخاوف الحرب الاهلية ، الحرب مع الدول المحيطة مثل ليبريا و غيرها ، اجتماعات ، مناقشات ، تسويات ، الوضع متأجج و الظروف لا تسمح .
القتلى ، شهداء هذه الحركة الاحتجاجية ( او الثورة لو اردت تسميتها كذلك ) ، لم يتم فتح باب التحقيقات فى شأنهم ، مماطلات فى عقاب المخطئين ، جزاءات مخففة ، فتح مجرد تحقيق حول ما حدث لهم و مثبت و معروف لدى الوسائط الدولية قبل الشعبية مرفوض ، تأبينات سنوية على ارواحهم دون قصاص .
عموما مات الرئيس الغينى كونتى فى ديسمبر 2008 اثر مرض طويل عاناه ، حدث انقلاب عسكرى اثر الخبر بواسطة النقيب موسى كامارا ، فوض نفسه رئيسا للبلاد واعتبر نفسه رئيسا لهيئة انتقالية التي ستشرف على عودة البلد إلى حكم الديموقراطية ، هو ما لم يتم حتى اللحظة . ما يهمنا الان الاستفادة من التجربة لمصلحة بلدنا نحن .
ما الحل ؟؟
1- ارحمونا من شماعة صعوبة الوضع الراهن ، الظروف التى لا تسمح ، لانها بوابة تسمح بمد الفترة الانتقالية و بقاء الوضع على ما هو عليه و اسوء ، بوابة دائمة لتأخير تسليم السلطة ، شباك للتصريحات الجوفاء ، و الخطب الصماء التى لا تسمن و لا تغنى من جوع ، تسليم السلطة مباشرة و فورا عبر انتخابات تعبر عن رأى الشارع اى كان هو الحل الاقصر للحد من التسيب الملاحظ فى البلاد ، مساوىء الفترة الانتقالية .
2- ان كان كوياتى مصر فاشل و لم ينجح ، فلم الاصرار عليه ؟؟ و حتى ان تم اختياره بواسطه كونتى بعد ترشيحه بواسطه الشعب ثم فشل ، فلا عيب من تغيره افضل من اغراق البلاد فى ظروف اكثر اسف و ضياع . الاصرار عليه لا يعنى سوى معنى من اثنين ، اما الثقة فى شخصه ، هذا لا يليق بالعمل السياسى فالانجازات تصنعها الكفاءات لا الشخصيات ، او ان مقاليد الحكم صارت و لا زالت فى يد كونتى !!
3- القصاص حق للشعب كله و ليس فئة معينة منه ، يجب ان يتم مراعاة قضاياه و عدم تأجيلها لعدم فتح المجال لمحاولات تزوير و اخفاء لمعالم الجريمة الواضحة ، حتى لا نعود فنجد الحكم فى غير السياق المتوقع لان التحقيقات و الادلة تعمد اتلافها و تغييرها .
4- عدم الرضوخ للضغوط الدولية ، ترسيخ مبدأ ان الشعب سيد قراره و ليس احد اخر ، قبول اختيار الشعب اى كان ، حتى لا يتفتت الشعب و يفقد الثقة فيمن يديرون شئونه ، يفتح الباب لموجة ثانية من الاحتجاجات التى و بكل تأكيد متوقع لها ان تكون اشد و اقوى ، بينما البلاد لا تحتاج لمثل تلك الاحتجاجات الا مضطرة .
5- حذار من الفتن الداخلية و الصراعات التى تفتت الكتلة الشعبية و تجعل الجميع يلهث وراء تحقيق منافع و مصالح شخصية ، ينسى الهم الاكبر و هو الثورة و مطالبها .
6- محاسبة المخطىء هو ترسيخ لبمدأ العدالة الكاملة ، حدوث تقصير فى بعض المحاكمات ، او القرارات الثورية ، يفتح بابا كبيرا للظلم ، الظلم ظلمات ، تغرق البلاد فى خطورة فتح باب الانتقام و الثأر الذى نرفضه جميعا و لا نبغاه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق