رؤية حسية فى انتخابات رئاسية
اسفرت الجولة الاولى لانتخابات الرئاسة
المصرية بعد الثورة – حتى الان – عن جولة اعادة بين مرشح الاخوان المسلمين أد .
محمد المرسى و الفريق احمد شفيق ، كانت النتيجة صادمة ربما لقطاع كبير من المصريين
.
الصدمة لم تكن فى دخول د . المرسى لجولة
الاعادة ، فهذا امر كان يمكن لأى متابع للوضع السياسى ان يتوقعه بسهولة ، لكن
الصدمة كانت من دخول الفريق شفيق جولة الاعادة ، هو غير منتمى لتيار الثورة اطلاقا
و لم يعرفها فى يوم من الايام ، بل من الممكن ان تقول انه كان مسئولا بحكم منصبه
كرئيس للوزراء عن موقعة الجمل الشهيرة التى راح ضحيتها عشرات المصريين ، الصدمة
الاكبر ان فى ظل ما يقوله البعض عن ان الفريق هو مرشح الفلول ، لم ينفى الفريق ذلك
، بل و تفاخر فعلا اعضاء الحزب الوطنى الفاسد سابقا بدعمهم للفريق و قالوا بزهو ان
ايام الحزب ستعود مرة اخرى مع نجاح شفيق .
معظم قوى الثورة انقسمت بين عدة اراء ، منها
من يعتقد فى ضرورة دعم المرسى حتى لا يأتى شفيق فتفشل الثورة فشلا ذريعا و تقتل
قبل ان تحبو ، يمكن لنا ان نؤجل الاحلام الثورية حتى الانتخابات القادمة بعد اربع
سنوات ، منهم من يرى ان ضميره لا يسمح له ان يختار بين الاثنين ، بين من تسبب فى
القتل ، من سكت على قتل شهداء الثورة و جامل الجلس العسكرى بكل فجاجة ، منهم من
بدأ يخرج للشارع معلنا رفضه للانتخابات التى اتت بشفيق و منددا بها ، مطالبا بمجلس
رئاسى مدنى لمدة عام .
انا لا استطيع ان الوم من اختار دعم مرسى
لاسقاط شفيق فهو اختار المصلحة العامة ، لا استطيع ان الوم من اختار المقاطعة فهو
اختار الضمير و هو الا يختار من لا يرضى عنه ، لكن بالتفكير قليلا فى التيار
الثالث الذى اقترح فكرة المجلس الرئاسى فستجد بينهم من قاطع من البداية و منهم من
انضم بعد ان خسر فى الانتخابات .
من قاطع منذ البداية له رأى وجيه ان القوانين
و الاجراءات التى تقوم عليها الانتخابات لا يمكنه ان يوافق عليها و هو امر يحترم ،
لكن من دخل و صوت و وافق على دخولها بتلك الطريقة فلما فشل فى اجتياز المرحلة
الاولى ، قال انه لا يرضى عنها فهو امر عجيب !!
رغم عدم موافقتى لفكرة المجلس
الرئاسى الا ان تجد اخرين يهاجمون الفكرة من مبادىء غريبة ايضا و اكثر عجبا من
الفكرة نفسها ، فهم يقولون ان " تكوين مجلس رئاسي يعني الغاء الانتخابات و العملية الديمقراطية ، يعني الغاء حكومة الجنزوري في هذا التوقيت المميت ، يعني الغاء دور المجلس الاعلي للقوات المسلحة "
.
تكوين مجلس رئاسى فعلا يعيق الانتخابات و يمنعها ، لكن دعنى
اذكرك ان فوز مرشح ما بعينه سيجعلك ترفض تلك الانتخابات ، فلا ديمقراطية و لا ابنة
خالتها حتى ، بمعنى انك اول من يعترض او سيعترض على الديمقراطية التى ستأتى بذلك
الرئيس ، فلا تحدثنا من فضلك من باب الديمقراطية و الحفاظ على الديمقراطية و احترام
رأى الاغلبية و انت اول من يكفر به ايضا !!
ثم ان الحديث بمنطق الغاء حكومة الجنزورى هو لأمر فعلا يحتاج
لضحك حتى الصباح .. حكومة الجنزورى التى اعترف لها الجميع بالفشل و انها مكونة من
مجموعة من الفشلة الذين يتبعون المجلس العسكرى و اوامر المجلس العسكرى و تعليمات
المجلس العسكرى !!
تلك الحكومة التى تخاف عليها الان هى نفس الحكومة التى خرج
عليها مجموعة الشباب الثورى فى احداث مجلس الوزراء و قالوا انها منزوعة الصلاحيات
و جاءوا ليخدموا المجلس العسكرى و يحافظوا عليه ، رأينا مشاهد السحل و القتل ،
فخرج بالمناسبة التيار الدينى السياسى بطرفيه الاخوان و السلفيين يسخرون من ضحايا
السحل و التعرية ، يتهمون الجرحى فى شارع محمد محمود بأنهم متعاطين مخدرات و عملاء
و مأجورين مجاملة و رياء للمجلس العسكرى قبل ان يصطدموا به لأجل مصالحهم الشخصية
!!
هى نفسها حكومة الجنزورى التى خرج عليها اعضاء مجلس الشعب و
طالبوها بالاستقالة فى المجلس حينما تعارضت مع مصالحهم فى تولى المناصب بعد ان
كانت الشمس التى تشرق فتزيدهم بهجة كل صباح ، فاصبحت مجموعة من الخدم عند مجلس
الشعب و ليس الشعب و يجب اقالتها لأن الوزير تأخر او لم يحضر ، هل اصبحت حكومة
الجنزورى الان حكومة العظماء ؟؟
ثم الحديث بمنطق الغاء دور القوات المسلحة ، دعنى اذكرك اولا
ان القوات المسلحة لا تحكم مصر بل تدافع عن مصر ، ان من يحكم مصر فى الوقت الحالى
هو المجلس العسكرى قائد القوات المسلحة ، و ان دوره اصلا ليس ان يحكم مصر ، بل ان
يدير منظومة الدفاع عن مصر ضد اى خطر خارجى ، و بالتالى وجود مجلس رئاسى مدنى لن
يلغى دور الدفاع عن مصر ، ان كان سيأخذ حكم مصر من المجلس العسكرى الغير مؤهل اصلا
لحكم مصر ، اثبت فشله السياسى يوما بعد يوم بما لا يدع مجالا للشك ، انه مكون من
مجموعة من الفاشلين سياسيا ، انهم حتى عاجزون عن اثبات اى نجاح سياسى .
الواقع ان الوضع السياسى الان فى مصر اصبح عك فوق عك ، تخريب
و تشويه للمشهد منذ لحظة الاعلان الدستورى الذى فرض علينا امورا لا نستحبها بمسمى
اختيار التيار الدينى و توجيه قطاع عريض من الشعب المصرى – ونحترم ارادته – فى
اختيار التصويت بنعم ، و من يومها و نحن ندور فى دائرة من الطعون و تقديم مجلس شعب
بلا سلطة ، حالة من اختطاف الدستور فى يد التيار الدينى و تعليق كتابته اكثر من
مرة حتى يكون على الهوى و المزاج الاخوانى ، حالة من الشبهات و التهديدات و
التشكيك بشرعية كل ما بدأناه منذ ذلك اليوم فى العملية الديمقراطية ، يعيدنا للبدأ
من جديد ، فلا نحن انتفعنا من نوافع التصويت بنعم ، لا اتينا بدستور بين اظهرنا
حتى اللحظة .
على الجميع التكاتف و التوحد و طرح الافكار التى تلقى القبول
من الجميع ، التوقف عن حالة الغرور و البحث عن المصالح الشخصية الضيقة ، التعامل
مع الامر بطريقة الحرب مع شريك الوطن الاخر ، العند و الكبر الذى يمارس من البعض ،
لعل وقتها يمكن لنا ان نعود لحالة التوافق المنشودة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق