الأربعاء، 6 يونيو 2012

رؤية حسية فى انتخابات رئاسية


رؤية حسية فى انتخابات رئاسية



اسفرت الجولة الاولى لانتخابات الرئاسة المصرية بعد الثورة – حتى الان – عن جولة اعادة بين مرشح الاخوان المسلمين أد . محمد المرسى و الفريق احمد شفيق ، كانت النتيجة صادمة ربما لقطاع كبير من المصريين .

الصدمة لم تكن فى دخول د . المرسى لجولة الاعادة ، فهذا امر كان يمكن لأى متابع للوضع السياسى ان يتوقعه بسهولة ، لكن الصدمة كانت من دخول الفريق شفيق جولة الاعادة ، هو غير منتمى لتيار الثورة اطلاقا و لم يعرفها فى يوم من الايام ، بل من الممكن ان تقول انه كان مسئولا بحكم منصبه كرئيس للوزراء عن موقعة الجمل الشهيرة التى راح ضحيتها عشرات المصريين ، الصدمة الاكبر ان فى ظل ما يقوله البعض عن ان الفريق هو مرشح الفلول ، لم ينفى الفريق ذلك ، بل و تفاخر فعلا اعضاء الحزب الوطنى الفاسد سابقا بدعمهم للفريق و قالوا بزهو ان ايام الحزب ستعود مرة اخرى مع نجاح شفيق .

معظم قوى الثورة انقسمت بين عدة اراء ، منها من يعتقد فى ضرورة دعم المرسى حتى لا يأتى شفيق فتفشل الثورة فشلا ذريعا و تقتل قبل ان تحبو ، يمكن لنا ان نؤجل الاحلام الثورية حتى الانتخابات القادمة بعد اربع سنوات ، منهم من يرى ان ضميره لا يسمح له ان يختار بين الاثنين ، بين من تسبب فى القتل ، من سكت على قتل شهداء الثورة و جامل الجلس العسكرى بكل فجاجة ، منهم من بدأ يخرج للشارع معلنا رفضه للانتخابات التى اتت بشفيق و منددا بها ، مطالبا بمجلس رئاسى مدنى لمدة عام .

انا لا استطيع ان الوم من اختار دعم مرسى لاسقاط شفيق فهو اختار المصلحة العامة ، لا استطيع ان الوم من اختار المقاطعة فهو اختار الضمير و هو الا يختار من لا يرضى عنه ، لكن بالتفكير قليلا فى التيار الثالث الذى اقترح فكرة المجلس الرئاسى فستجد بينهم من قاطع من البداية و منهم من انضم بعد ان خسر فى الانتخابات . 

من قاطع منذ البداية له رأى وجيه ان القوانين و الاجراءات التى تقوم عليها الانتخابات لا يمكنه ان يوافق عليها و هو امر يحترم ، لكن من دخل و صوت و وافق على دخولها بتلك الطريقة فلما فشل فى اجتياز المرحلة الاولى ، قال انه لا يرضى عنها فهو امر عجيب !!
رغم عدم موافقتى لفكرة المجلس الرئاسى الا ان تجد اخرين يهاجمون الفكرة من مبادىء غريبة ايضا و اكثر عجبا من الفكرة نفسها ، فهم يقولون ان " تكوين مجلس رئاسي يعني الغاء الانتخابات و العملية الديمقراطية ، يعني الغاء حكومة الجنزوري في هذا التوقيت المميت ، يعني الغاء دور المجلس الاعلي للقوات المسلحة " .
تكوين مجلس رئاسى فعلا يعيق الانتخابات و يمنعها ، لكن دعنى اذكرك ان فوز مرشح ما بعينه سيجعلك ترفض تلك الانتخابات ، فلا ديمقراطية و لا ابنة خالتها حتى ، بمعنى انك اول من يعترض او سيعترض على الديمقراطية التى ستأتى بذلك الرئيس ، فلا تحدثنا من فضلك من باب الديمقراطية و الحفاظ على الديمقراطية و احترام رأى الاغلبية و انت اول من يكفر به ايضا !!
ثم ان الحديث بمنطق الغاء حكومة الجنزورى هو لأمر فعلا يحتاج لضحك حتى الصباح .. حكومة الجنزورى التى اعترف لها الجميع بالفشل و انها مكونة من مجموعة من الفشلة الذين يتبعون المجلس العسكرى و اوامر المجلس العسكرى و تعليمات المجلس العسكرى !!
تلك الحكومة التى تخاف عليها الان هى نفس الحكومة التى خرج عليها مجموعة الشباب الثورى فى احداث مجلس الوزراء و قالوا انها منزوعة الصلاحيات و جاءوا ليخدموا المجلس العسكرى و يحافظوا عليه ، رأينا مشاهد السحل و القتل ، فخرج بالمناسبة التيار الدينى السياسى بطرفيه الاخوان و السلفيين يسخرون من ضحايا السحل و التعرية ، يتهمون الجرحى فى شارع محمد محمود بأنهم متعاطين مخدرات و عملاء و مأجورين مجاملة و رياء للمجلس العسكرى قبل ان يصطدموا به لأجل مصالحهم الشخصية !!
هى نفسها حكومة الجنزورى التى خرج عليها اعضاء مجلس الشعب و طالبوها بالاستقالة فى المجلس حينما تعارضت مع مصالحهم فى تولى المناصب بعد ان كانت الشمس التى تشرق فتزيدهم بهجة كل صباح ، فاصبحت مجموعة من الخدم عند مجلس الشعب و ليس الشعب و يجب اقالتها لأن الوزير تأخر او لم يحضر ، هل اصبحت حكومة الجنزورى الان حكومة العظماء ؟؟
ثم الحديث بمنطق الغاء دور القوات المسلحة ، دعنى اذكرك اولا ان القوات المسلحة لا تحكم مصر بل تدافع عن مصر ، ان من يحكم مصر فى الوقت الحالى هو المجلس العسكرى قائد القوات المسلحة ، و ان دوره اصلا ليس ان يحكم مصر ، بل ان يدير منظومة الدفاع عن مصر ضد اى خطر خارجى ، و بالتالى وجود مجلس رئاسى مدنى لن يلغى دور الدفاع عن مصر ، ان كان سيأخذ حكم مصر من المجلس العسكرى الغير مؤهل اصلا لحكم مصر ، اثبت فشله السياسى يوما بعد يوم بما لا يدع مجالا للشك ، انه مكون من مجموعة من الفاشلين سياسيا ، انهم حتى عاجزون عن اثبات اى نجاح سياسى .
الواقع ان الوضع السياسى الان فى مصر اصبح عك فوق عك ، تخريب و تشويه للمشهد منذ لحظة الاعلان الدستورى الذى فرض علينا امورا لا نستحبها بمسمى اختيار التيار الدينى و توجيه قطاع عريض من الشعب المصرى – ونحترم ارادته – فى اختيار التصويت بنعم ، و من يومها و نحن ندور فى دائرة من الطعون و تقديم مجلس شعب بلا سلطة ، حالة من اختطاف الدستور فى يد التيار الدينى و تعليق كتابته اكثر من مرة حتى يكون على الهوى و المزاج الاخوانى ، حالة من الشبهات و التهديدات و التشكيك بشرعية كل ما بدأناه منذ ذلك اليوم فى العملية الديمقراطية ، يعيدنا للبدأ من جديد ، فلا نحن انتفعنا من نوافع التصويت بنعم ، لا اتينا بدستور بين اظهرنا حتى اللحظة .
على الجميع التكاتف و التوحد و طرح الافكار التى تلقى القبول من الجميع ، التوقف عن حالة الغرور و البحث عن المصالح الشخصية الضيقة ، التعامل مع الامر بطريقة الحرب مع شريك الوطن الاخر ، العند و الكبر الذى يمارس من البعض ، لعل وقتها يمكن لنا ان نعود لحالة التوافق المنشودة .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق