الاثنين، 12 يوليو 2010

علمتنا الكرة

علمتنا الكرة



مع انطلاق المباراة النهائية لكأس العالم ، انتهاء فاعليات الاحتفاء الكبير الذى يجرى كل اربعة اعوام ، نرى فيه افضل كرة على مستوى العالم ، مجتمع كبير من كافة القارات يتمثل و يختزل فى 32 فريق كرة قدم و معهم اكثر من ذلك فى عدد الشعوب و القوميات ، اختلاف فى العادات و التقاليد ، مظاهر الحزن و الفرح ، يتم النظر لكرة القدم هنا نظرة اخرى ، نظرة مغايرة للدوريات الاوروبية و المحلية ، نظرة لا نقول فيها ان اللاعب يساوى كذا و لا يساوى كذا ، فالبطولة يحضر لها مئات اللاعبون للتنافس دون ان يتقاضوا مبلغ مالى كبير كما هو حال اللعب فى انديتهم ، يقدم افضل ما عنده ، لا ينتظر ان ينال فى مقابله اى اجر ، فقط تصفيق من الجمهور او صياح و اهات الجماهير تكفيه ، حتى فى الهزيمة ، يكفيه ان ينهزم بشرف فيحظى على تصفيق الجمهور عند المغادرة .


علمتنا الكرة ان الانجاز الحقيقى للاعب هو عطائه مع منتخبه و ليس ناديه ، فاللاعب لا يترشح للجوائز العالمية على اعتبار انه هداف اوروبا ان كان لا يشارك بصفة اساسية مع منتخب بلاده . اذا العطاء للبلد و الوطن اهم و افضل كثيرا من العطاء و الانتماء لجهة معينة على مصلحة الوطن .


علمتنا الكرة ان اللاعب الانانى يؤدى لفقد الاستحواز من فريقه و بالتالى يخسر فريقه و يتجرع مرارة الهزيمة معه ، كذلك كل من يعمل لمصلحة نفسه دون الاخرين لو فاز للحظة و تربح ، فمؤكد سيخسر فى النهاية مع من خسروا .


علمتنا الكرة ان المدرب الذى يكشف عن اوراقه و طريقة ادارته للمباراة قبل ان تبدأ ، هو لا ينوى حقا لتطبيقها .


كما علمتنا ان المدرب الذى يكشف عن طريقة ادارته للمباراة بعد انتهائها ، هو لا ينوى تكرار نفس الخطة او مجرد مغرور متباهى بانتصاره و يستحق ان يكتشف الغير نقاط ضعفه ليسقط امامهم لاحقا .


علمتنا الكرة ان النظام مهم لادارة اللعبة ، فكل شىء يحدث بتنظيم من صافرة الحكم .


علمتنا الكرة ان المخالفة تتوجب العقاب و لكن من قبل الحكم المسؤول ، ليس الجماهير مثلا رغم ان الحكم قد لا يرى ما يراه الجمهور .


علمتنا الكرة ان الفضل فى الانتصار يرد الى مستحقيه ، لا يهدى لمن سمح او دعم او هنأ او زار الفريق .


علمتنا الكرة ان احتفالك بالنصر لا يعنى الشماتة فى الفريق المنافس ، لا يعنى ان تكون علاقتك بالاخرين منبعها الانتقام .


علمتنا الكرة ان شماتة الجمهور تكون فى اللاعب المغرور عند انهزامه ، ان احترام الجمهور يكون للاعب المتواضع عند انهزامه .


علمتنا الكرة ان الخلاف خارج اطار الملعب لا يفسد للود قضية ، ان التعاون على تحقيق النصر يحتاج مجهود الطرفين معا فى نفس الفريق .


علمتنا الكرة ان التخاذل و لو فى الدقيقة الاخيرة قد يفقدك فوزك ، التركيز من اول المباراة هو اول وسائل اضعاف الروح المعنوية للمنافس .


علمتنا الكرة ان ان الفريق الذى لا يهاجم لا يفوز ، ان من يهاجم بكل خطوطه يستقبل اهداف ، فالافضل هو من يوازن نفسه بين دفاعه و هجومه .


علمتنا الكرة ان الفوز يحتاج لاحد عشر لاعبا ، اما الحفاظ عليه فقد يكون بأقل من ذلك و لو بحارس مرمى بارع يسانده الجميع .


علمتنا الكرة ان من يقدم الاداء الافضل هو من يدعم فكرة الدفع بصغار السن وسط النجوم اصحاب الخبرة ، ان من يخرج مبكرا من دور المجموعات هو من قوام فريقه يزيد عن معدل الاعمار العالمية .


علمتنا الكرة ان الافضل قد لا يتوج بالكأس ، لكنه رغم ذلك ينال التقدير على مجهوده .


علمتنا الكرة ان السياسة تتدخل فى كل شىء ، تحتاج كل شىء لدعم تقدمها .


علمتنا ايضا ان الاسم و الاختصار ليس مهما ، لان اختصار worldcup هو WC .

الاثنين، 5 يوليو 2010

صراع فى اى حتة



صراع فى اى حتة




اشتهرت السينما المصرية بمجموعة مميزة من الافلام الرائعة التى تضم مزيج من الدراما و الصراع و الاكشن و الكوميديا ، ذلك فى فترة الخمسينات و الستينات ، حملت تلك الافلام اسم مشترك فى عنوانه هو ( صراع فى ...... ) ، فنجد مثلا فيلم (صراع فى الوادى ) الذى تبتعد فيه البطلة عن حبيبها و تعود لتلاقيه فى البلد القديم و تكتشف ان ابيها هو اكبر مجرم فى البلد ، يدور الصراع بينه و بين البطل لاثبات الحقيقة ، ايضا فيلم ( صراع فى النيل ) الذى يرحل فيه البطل و يقع كلاهما فى حب المرأة ذاتها غير ان احدهم ينساق ورائها باندفاع و الاخر يفضل مصلحة البلد على ذلك ليدور الصراع بينهم و بين العصابة التى تتدخل لسرقة المال ، يوجد (صراع فى الميناء ) الذى يدور الصراع بين رجال البوليس من ناحية و العصابة من ناحية اخرى ،( صراع فى الجبل ) ليدور الصراع بين الاخوين و رجال العصابة التى تسيطر على الجبل و مصير العمال .



و لكن فى هذه الايام يدور الصراع بشكل اخر ، و اشخاص اخرين ، ظروف مختلفة ، و لذلك قررت ان انتج سلسلة مشابهه لتلك الافلام – مع الاعتذار لجهة الانتاج - ، لمناقشة ظروف المجتمع فى القرن الواحد و العشرين ، محاولة لفهم و تفسير تلك الظروف ، ايضا قليل من المتعة – الفيلم لازم يجيب ايرادات - .



صراع فى طابور العيش : ده لما حضرتك تقف فى مكان بعد صراع طويل و تتزاحم و تتخانق لغاية ما توصل للمنفذ المخصص للبيع فتجد المسؤول يبتسم بسماجة و يقولك " العيش خلص " .


صراع فى الموقف : لما حضرتك تقف فى الموقف مستنى اى مواصلة ، متلاقيش و فجأة تلاقى ميكروباص جى بيهدى قدام الموقف ليمتلىء تماما و عن اخره قبل ما يفرمل .


صراع فى النادى : المشهد الافتتاحى قد يكون صراع بين فريقين على الكرة ، لتكتشف مع مسيرة الفيلم ان الصراع بين رئيس النادى ، نادى اخر على ضم لاعب ، او بينه و بين رجل اخر يظن ان الانتخابات ملفقة ، يسعى للعودة و بشدة للاضواء ، يبنتهى الفيلم على ضياع بطولة الدورى و الكاس ، طرد المدرب شر طرده ، تشريد اللاعبين فى الشوارع .


صراع فى المصلحة الحكومية : يبدأ يوم البطل بمهمة قومية هى الحصول على توقيع مسؤول ما على ورقة حكومية ، يظن الامر سهلا ، و لكن هيهات ، عليه ان يمر على مئات الموظفين و الحصول على مئات التوقيعات ، فى سبيل مقابلة المسؤول و الحصول على توقيعه ... الفيلم مقتبس عن اى فيلم بيحكى عن مقابلة السلطان او الملك فى العصور القديمة و الزامك بالمرور على طاقم الجنود جندى جندى للتأكد من عدم ارتدائك اى سلاح – او مش مخبى خنجر عيار 5 ميللى فى الشراب – لتحظى بالكرم الملكى .


صراع فى الموبايل : عندما تعلن كل شركة محمول عن عرض يضرب العرض السابق الذى قامت الشركات الاخرى بنشره ، تفاجأ بعرض يسمح لك ان تتكلم ببلاش فى الوقت الفلانى ، او بثمن بخيس فى الوقت الفلانى ، لتفاجأ فى نهاية الفيلم ان هناك مصاريف ادارية كذا ، تكلفة فتح مكالمة كذا ، العرض يسرى على اول 3 دقائق مثلا .


صراع فى القسم : عندما يدخل البطل القسم بهدف استخراج بطاقى التصويت و عليه ان يمر على مكاتب المخبرين و يرش باللى ربنا يقدره عليه لكل واحد ، يلتقى بالصدفة بالبطل الاخر الذى يمر بالقسم فى ظروف مشابهة ، هى انه ضايق مخبر ما فى احدى لجان الشرطة ، فقرر انه يعمل معاه الواجب و على الفور اعتقله بحق قانون الطوارىء و الاشتباه فيه ، سابه للمخبرين الزملاء يقوموا معاه بالواجب ، ليخرج البطل الاول و كله نشوه النصر انه حصل على بطاقة الانتخاب اخيرا ، يذهب لمنزله و ينظر لها بتمعن طويلا ، ثم يقرر ان يلقى بها فى احد الادراج الغير معلومة المصدر او المصير .


صراع فى الشارع : عندما يتشاجر اثنين من الاطفال فى الشارع ليخرج الاباء و تزداد المشاجرة بينهم ، تصل للسب و الضرب ليتدخل طرفى العائلتان ، يخرج واحد بمسدس و اخر بسيف ، اخر بجنزير ، تبقى مجزرة ، يسيل الدماء ، ثم يتم عمل محضرين فى القسم ، ضد كل فرد ، ينتهى الفيلم على تنازل الطرفان عن المحضر تبعا لقانون ( سيب و انا اسيب ) .


صراع فى المدرجات : عندما يخرج الاعلام ليصور الفريق المنافس بأنه متوحشين ، الجماهير بأنها جزارين ، يستلمون اخبار عاجزة ملفقة من قلة من المشجعين المنحرفين و المتعصبين من الطرفين من مواقع الانترنت ليعلنوا حالة الحرب ، و ان المباراة مصيرية ، من يجد مشجع كذا فليفعل كذا فيه ، لينجرف الجمهوران كالحمقى وراء تلك الادعائات ، يصور الاعلام مجزرة يتبين كذبها بعد لحظات ، يتسلم الاعلاميين – اللى ولعوها فى الاول بهدف جذب الحضور و زيادة عدد المشاهدات - خطابات و توصيات من فوق بأن " يلموها شويه " فتجدهم هم اول من يقول للناس ان الرياضة اخلاق ، ان اللى حصل حصل ، دول برضه اخوه اعزاء ، و لكن بعد ما خربوها و قعدوا على تلها .


صراع فى الانتخابات : عندما يدخل مرشح ما فيتباهى بأنه هو اللى عمل كوبرى عباس ، انه هو اللى بنى الهرم ، و ذلك خلال الفترة المديدة لحضرته فى الولاية السابقة ، اخر يعد الناس انه هيحاول يحللهم مشكلة اللحمة ، انخفاض الاجور ، ليدور الصراع حول من يفوز ، انه واحد بيقول للتانى " ياللى كنت جعان و شحات و ابوك بيمشى فى الشارع بجلابية مقطعة، جبت الفلوس دى كلها منين ؟ " ، الاخر يرد ب " اخرس يا حرامى يا حقود ، يا عميل المعارضة و الحكومات الاجنبية " ، لينتهى الفيلم على مشهد المواطن يسكن العراء ، برضه مش طايل اللحمة .


صراع فى شباك التذاكر : هو ان تبقى وارث كام مليون جنية فبدل ان تحافظ عليهم تقرر استثمارهم ، فتقوم بانتاج كام فيلم ( من اياهم ) و تستعين بممثلين مغمورين – منهم يبقوا تمنهم رخيص و منهم هيوافقوا يعملوا المشاهد التى هيعترض عليها النجوم الكبار - ، ثم تعرض افلامك فى السينمات بعد الامتحانات مباشرة او بعد رمضان ، ليتطور احداث الفيلم بصراع كبير على صدارة الايراد و ليس المشاهدة او الاستفادة ، يخرج الجميع بينهم الجمهور و النقاد و الفكر و الوعى و الاخلاق و الضمير خاسرين باستثناء المنتج .