الاثنين، 15 مارس 2010

الانسان عدو نفسه

الانسان عدو نفسه



مع ظهور العصر الحديث ، تنوع مظاهر الحياة ، اصبح للانسان اكثر من نمط واحد للعيش ، اصبح له اكثر من وسيلة لقضاء حياته ، و واكب نظام يومه التطور الهائل فى كل النواحى حوله ، فصار يختار و يتخير ، بعد ان كان يقبل و يهنأ ... و انتشرت الحاجة الى الكماليات - التى هى اصلا تفاهات - ، اصبح نمط الحياة يدعو الى التحسن لا الاكتفاء .

و لكن الانسان لم يعبر عن ذلك فقط فى تطوير حياته للاسهل ، بل اسرف فى كماليات لا حاجة له فيها ، فهو يعيش على التهام اصناف لا عدد لها من الاطعمة ، بكميات لا يحتاجها اصلا ، و زاد الثراء و النماء و الشبع و النهم فى ان واحد .... حتى صارت حياته البحث عن الملذات و زيادات الحياة ، التى لو سألته عنها مسبقا ، كانت لا تمثل شىء له بالنسبة لاحتياجاته .

و قد اثر ذلك سلبيا على الانسان لا شك ، فالطعام المستهلك الذى يتناوله من مأكولات دسمة ، غير صحية حين اضرت ... اضرت الانسان نفسه و زادت معاناته مع الامراض التى لم يكن يعرفها مسبقا ، زادت من نسبة امراض اخرى ينظر لصاحبها بعين الشفقة و لا يدرى انه يشاطره مرضه و لكن العبرة بالوقت .

فبدأت امراض مثل امراض القلب و تصلب الشرايين و ارتفاع ضغط الدم و السكر وغيرها من الكثير من الامراض فى مهاجمة الانسان فى خفاء ، اغلبها امراض - و للاسف - تظهر اعراضها بعد سنين بعد ان يكون المرض قد تمكن تماما من الانسان .

كما اترف الانسان من معيشته ، زادت حاجته الى شراء ما لا يحتاجه ، مزاوله ما قلما يريد ، فبدأ يعد منزله الذى كان خاويا تقريبا و ذا مساحات تسمح لاطفاله بالجرى و التحليق بالمكان ، الى كومة مكومة من الاثاث و الاجهزة الكهربائية التى كلها استكمال او ترفع عن جهاز كهربائى اخر ، فهناك اصناف من الاجهزة التى فكرتها هى تجهيز الطعام ، اخرى هى ترطيب الجو ، غيرها من الادوات حتى ادمنها الانسان و عشقها ، صارت مجرد وجودها بدون حاجة اساسيات من اساسيات المنزل و اشترط وجودها .

و قد اثر ذلك بالسلب على الانسان ، فتلك الاسباب هى احد العوامل الرئيسية لصعوبة الزواج حاليا ، فالكل يشترط وجود هذه الاشياء التى لو سألت احد الاجيال السابقة سيقول لك انها لم تكن موجودة من قبل و لكنه الان يصر عليها من اجل التفاخر بها و ليس الحاجة الشديدة اليها .

كما زادت وسائل الراحة و التثاقل ، فالانسان حاليا ينتقل من كرسى لاخر ، منهما لسرير ، فهو يستيقظ من سريره ، ليتناول من افطاره جالسا ، ثم ينتقل لعمله جالسا فى المواصلات ، يصعد و ينزل المبانى اعتمادا على المصاعد ، يزاول عمله جالسا ، يروح عن نفسه فى المنزل بعد العودة بمشاهدة التلفاز جالسا ، قد يخرج خارج المنزل ليجلس فى احد المطاعم او السينما او المسرح او احد تلك الاماكن التى لا يفضل فيها ان يتحرك شبرا واحدا بدون سبب مقنع من وجهة نظره .

كل ذلك طبعا اثر عليه بالسلب ، فزاده ذلك مللا على مللا ، اصبحت الحياة روتينا ثابتا ، لا جديد فيه ، و اثر ايضا على صحته فزادت امراض السمنة ، التعب ، امراض الجهاز الدموى و الهضمى و العصبى ، شكل ذلك عبأ اكبر على عاتقه فاضر بحياته النفسية لكثره همه و ملله .

فما الحل من وجهه نظرى ؟

الحل هو الاعتدال و التوسط ، لا تنكب على كل شىء فتفقد لذته بحثا عن اخر جديد ، لا تزهد كل شىء فتفقد ميزته و فوائده التى قد تحتاجها .

لا تسىء استخدام العلم و التكنولوجيا فتصنع القنابل و تشيع التدمير .

لا تسرف فى الطعام فتصاب بامراض السمنة و القلب ، لا تزهد الطعام فتصاب بامراض سوء التغذية .

لا تسرف فى شراء ما لا تحتاج و اتركه لمن يحتاجه .


و تذكر ان خير الامور اوسطها و ايسرها دائما .


فمتى يفيق الانسان ؟










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق